وأجاب المستر بكوك منفعلا: «بل سأفعلن بحق.» وكاد يقسم لولا أن بدت أمارات المزاح على وجه واردل، فأمسك وقال: «ولم لا؟»
وأجاب الشيخ واردل، وهو يكاد يستلقي من الضحك: «لأنهم قد يقلبون الدفة على أحدنا، فيقولون: إنه كان قد أفرط كثيرا في شرب البنتش.»
فلم يتمالك المستر بكوك من إخفاء ابتسامة خطفت بوجهه، وما لبثت الابتسامة أن امتدت فكانت ضحكة، وتطورت الضحكة إلى قهقهة مدوية، والقهقهة إلى زأرة عامة، ولكي يظل مزاجهم صافيا، وقفوا عند أول حانة وجدوها على الطريق، وطلبوا «دورا» من البراندي والماء، وقدرا كبيرا من شراب شديد البطش للمستر ولر.
ساحة الإعدام.
نوع من المسكر.
الفصل العشرون
يبين كيف بدأ ددسن وفج من رجال الأعمال، وكيف كانت الكتبة أهل مجانة، وكيف جرى حديث مؤثر بين المستر ولر ووالده الغائب عنه من عهد طويل، ويصف أيضا صفوة «الزبائن» الذين يختلفون إلى حانة «ماجباي إصطمب»، وكيف يكون الفصل التالي ممتعا غاية الإمتاع ... ***
في الطابق الأرضي من واجهة بيت أغبر الطلاء، في الطرف الأقصى من محكمة «فريمان» في كورنهل، كان يجلس الكتبة الأربعة الذين يعملون في مكتب السيدين ددسن وفج، المحاميين أمام المحكمة العليا ومحكمة الأحوال الشخصية في وستمنستر والقضاء العالي، وهم لا يرون نورا ولا شمسا، إلا كما يرجو إنسان أن يرى لمحات منهما، وهو في قاع بئر عميقة، ولا يتاح لهم رؤية الكواكب في السماء إلا كما يتاح له في ذلك الموضع المنعزل.
وكان مكتبهم غرفة مظلمة عفنة رطبة، ذات حاجز يحجبهم عن الأنظار، ومن خلفه كرسيان قديمان من الخشب، وقد قامت فوق أحد جدرانها ساعة «دقاقة» شديدة الدق، و«تقويم» للأيام والشهور، ومشجب للمظلات، وآخران للقبعات، وبضعة أرفف وضعت فوقها عدة إضبارات، تتدلى منها قصاصات تحوي أرقامها وعناوينها، وملفات من أوراق قذرة، وصناديق قديمة من الخشب وسمت بعناوينها كذلك وبياناتها، وعدة زجاجات فخارية للمداد من مختلف الأشكال والأحجام، وفي الحجرة باب زجاجي يؤدي إلى دهليز يفضي إلى الفناء.
وإلى الجانب الخارجي من ذلك الباب الزجاجي تقدم المستر بكوك، يتبعه سام ولر، في صبيحة يوم الجمعة الذي تلا الحادث الذي رويناه بأمانة في الفصل السابق.
अज्ञात पृष्ठ