وبدأ الموكب يشق طريقه وسط صيحات تصم الآذان.
وليس في إمكاننا أن نصف كيف اختلط هذا الموكب بالموكب الآخر، أو بأية وسيلة اختلط، وكيف تواتى له الخروج من الفوضى التي ضربت أطنابها، من جراء هذا الاختلاط، وكل ما في وسعنا أن نقوله إن قبعة المستر بكوك طارت من فوق رأسه؛ فهبطت فوق عينيه وأنفه وفمه، بسبب سارية من ساريات أعلام «الصفر»، أصابتها في بداية الموكب، وقد وصف هو المشهد بقوله إنه وجد نفسه - حين تيسر له أن يلتقط لمحة من المشهد - محاطا من كل جانب بوجوه غاضبة، وسحنات كاشرة، وغمامة كثيفة من الغبار، وحشد حاشد من المتشاجرين، وقال إن قوة خفية أنزلته من المركبة كرها، وإنه اشتبك أيضا في معركة ملاكمة، ولكنه لا يعرف مطلقا مع من اشتبك أو كيف، أو لماذا، ثم وجد نفسه يدفع من الخلف دفعا فوق مدارج سلم خشبي، ولم يكد يرفع قبعته عن رأسه حتى رأى نفسه بين أصدقائه في مقدمة الجانب الأيسر من المنصة، وكان الجناح الأيمن مخصصا لحزب «الصفر»، والجزء الأوسط منها للعمدة وموظفيه، وكان أحدهم - وهو المنادى البدين في المدينة - يقرع ناقوسا ضخما، يطلب أن يسود الصمت، بينما كان السيد هوراشيو فيزكن والسيد المحترم صمويل سلمكي قد وضعا يديهما فوق قلبيهما، وهما يدليان في تلطف متناه لذلك البحر الزاخر من الرءوس الذي غمر مقدمة الساحة المكشوفة، وقد تصاعدت من ناحيتها عواصف وزوابع من الأنات والصرخات والصيحات والصفير، تزري بما للزلزال من تأثير.
وقال طبمن: «هناك، فوق سطح ذلك البيت ... ها هو ذا ونكل!»
وقال المستر بكوك، وهو يضع منظاره فوق عينيه، وكان لحسن الحظ قد حفظه في جيبه إلى تلك اللحظة: «أين؟»
وقال طبمن: «هناك، فوق سطح ذلك البيت.»
وبالفعل كان المستر ونكل ومسز بت هنالك فوق الأنابيب المصنوعة من الرصاص في سطح بيت من القرميد يجلسان مستريحين على مقعدين، وهما يلوحان بمنديلهما تلويحة توحي أنهما قد لمحا المستر بكوك وزميله، وهي تحية رد عليها المستر بكوك بقبلة من يده أسلمها إلى الريح لتحملها إلى السيدة.
ولم تكن الإجراءات المتبعة في هذا الموقف قد ابتدأت بعد، والمعروف عن الجماهير، حين لا تجد شيئا تنشغل به، أن تنبعث إلى «التنكيت»، فكانت تلك الحركة البريئة من جانب المستر بكوك كافية لإثارة المجون.
الانتخابات في إيتنزول.
فصاح صوت قائلا: «آه، أيها العجوز الخبيث، الذي ينظر إلى البنات! أليس كذلك؟»
وصاح آخر: «ارجع أيها الشيخ عن الإثم، وتب يوما.»
अज्ञात पृष्ठ