وأجاب المستر سنودجراس وهو يخرج كتابا من جيبه، ويضعه في يد صديقه: «ليس في وسعنا غير الحدس والتخمين بعد قراءة هذا الكتاب، وقد لوحظ صباح أمس حين وصل كتاب من المستر واردل، يقول فيه إنه عائد مع أخته ليلا، أن الكآبة التي كانت مخيمة على صديقنا طيلة اليوم السابق قد أخذت تشتد، ولم يلبث أن اختفى سحابة النهار كله، وجاء بهذا الكتاب في المساء رسول من فندق «الكراون» في ماجلتون، وقال إنه تركه لديه في الصباح مع تعليمات مشددة بألا يسلم الكتاب قبل حلول المساء.»
وفض المستر بكوك الرسالة، فوجدها بخط صاحبه، وهي تحوي هذه الكلمات:
عزيزي بكوك:
إنك يا صديقي العزيز بعيد بمراحل من منال كثير من مواطن الضعف الخلقي التي لا يستطيع الناس الغلبة عليها، ولست تدري ما مدى مصاب رجل حين تهجره فجأة إنسانة محببة، ومخلوقة فاتنة، وحين يقع فريسة لاحتيال مجرم شقي، جعل يخفي بسمة الخبث والمكر خلف قناع المودة، وأرجو الله أن لا يعرضك يوما لمثل هذا المصاب ...
إن أي كتاب يرسل بعنواني هذا: «لذر بوتل - قربة الجلد، كوبهام - كنت» سيجدني، إذا فرضنا أنني سأظل حيا، إني مسارع من مشهد هذه الدنيا التي أصبحت قبيحة نكراء في عيني، فإن أنا سارعت من هذا العالم كله، فرحمة بي، ومغفرة لي.
إن الحياة يا عزيزي بكوك لم تعد تطاق عندي أو تحتمل، وإن الروح التي تحترق فينا لأشبه بعقدة الحمال يريح عليها المرء أثقال همومه، وأحمال متاعبه، فإذا هي خذلتنا، لم نعد نطيق لأحمالنا وأعبائنا احتمالا، بل نروح تحتها ... لك أن تنبئ راشل ... آه ... من ذلك الاسم! ...
تراسي طبمن
وانثنى المستر بكوك يقول وهو يطوي الكتاب: «يجب أن نغادر هذا المكان في الحال ... ما كان يجمل بنا أن نمكث فيه بأي حال بعد الذي جرى، ونحن الآن مضطرون إلى السفر لافتقاد صديقنا.»
ومشى في المقدمة صوب البيت.
وبادر إلى إعلان عزيمته، وكانت دعوات القوم له ومناشدتهم إياه البقاء صادقة ملحة، ولكن المستر بكوك لم ينثن عن عزمه، ولم يلن لرجاء، معتذرا بأن عملا كثيرا يقتضيه الاهتمام العاجل به.
अज्ञात पृष्ठ