وأهابت راشل به: «يا مستر طبمن ... انهض!»
وكان جوابه الجريء: «أبدا ... أواه ... يا راشل!»
وأمسك بيدها المتراخية، فهوت الرشاشة إلى الأرض، في اللحظة ذاتها التي أدنى فيها يدها من شفتيه، وهو يغمغم قائلا: «أي راشل، قولي إنك تحبينني.»
وأجابت العمة العانس مطرقة: «يا مستر طبمن، لا أكاد أقدر على قول هذه الكلمات ... ولكن كل ما أستطيع أن أقوله هو أنك لست بالذي لا أهتم به.»
وما كاد المستر طبمن يسمع هذا الاعتراف، حتى أخذ يفعل ما يحث الانفعال الشديد على فعله، وما يفعله كل إنسان دائما إذا وجد نفسه في مثل هذا الموقف، وإن كنا نحن قليلي المعرفة بهذه المسائل وأمثالها ... لقد استوى واقفا، وأحاط بذراعه جيد العمة العانس، وطبع على شفتيها عدة قبلات، تلقتها بعد أن أظهرت طبعا ما ينبغي إظهاره من المغالبة والمقاومة، بكل هدوء ورضى، لا ندري كم من عشرات القبل مثلها كان من المحتمل أن يطبعها المستر طبمن على شفتيها، لو لم تجفل السيدة إجفالة لا تصنع فيها، وتصرخ صرخة مروعة، قائلة: «يا مستر طبمن! إننا مراقبان ... لقد اكتشف أمرنا!»
فتلفت المستر طبمن حوله، فرأى الغلام البدين واقفا جامد الحركة، محملقا بعينيه الكبيرتين المستديرتين في الخميلة، وإن لم يبد على وجهه أي انفعال ولا أقل تعبير، حتى ليعجز أقدر الخبراء بعلم الفراسة، عن تأويل ذلك بأن مرجعه إلى الدهشة، أو مرده إلى الفضول، أو إلى أية عاطفة أخرى من العواطف المعروفة التي تخالج صدور البشر.
ولبث المستر طبمن يجيل البصر في وجه الغلام البدين، وظل هذا يحملق البصر فيه، وكلما تبين الفراغ المطلق في سحنة الغلام، ازداد اقتناعا بأن الغلام إما أنه لا يعرف، أو لم يفهم شيئا مما كان جاريا أمام عينيه، ولهذا انثنى بعد هذا الاقتناع يقول بكل هدوء وثبات: «ماذا جئت تريد هنا يا سيدي؟»
الغلام البدين يستيقظ ...
فكان جوابه على الفور: «العشاء مهيأ يا سيدي.»
قال وهو ينظر إليه نظرة نفاذة: «هل أتيت هذه اللحظة فقط يا سيدي؟»
अज्ञात पृष्ठ