मुधक्किरात कारबजी

सुलैमान नजीब d. 1374 AH
42

मुधक्किरात कारबजी

مذكرات عربجي

शैलियों

تركته وما كدت أظهر في الملف الذي يلتقي بشارع الدواوين حيث محطة الترام حتى داهمني «بدون إنذار ولا نفير وبسرعة مدهشة» أنا وعربتي والجوز الخيل ذلك البيت المتحرك الثقيل الظل، الذي يثير التراب، ويفسد الطريق على المارة، ويهدد المنازل «اللي بتشاور عقلها بهدد مستعجل» وإذا اصطدم بأي متحرك أو ثابت طواه تحت عجله الذي لا يرحم، ويذكرنا بدوشته ورذالة شكله شبح السلطة بأوامرها ونواهيها.

ولما تلاقينا - كما قال الشاعر - كانت النتيجة أن الجوز الأصايل ماتا على الأثر، فتهشمت العربة، فأصبحت «عربة يد».

وتشوه جسد محسوبكم، فلم أستفق إلا وأنا على سريري نمرة 5 بقصر العيني، يعتني بي دكاترة، أعرف منهم كثيرين، كنت حوذيهم قبل أن يشتروا سياراتهم الفخمة «رحم الله أيام العز» وكان الجراح الواقف بجانبي يشرح لبعض إخوانه سهولة بتر العضو إذا مرت عليه داهية كالتي مرت علي، فإنها كما قال تهرس اللحم وتفشش العظم ولا تترك للجراح إلا مهمة التخليص.

وها أنا على سريري «بين يدي الله» أنادي المحافظة، وأظن أن نداء المرضى والمصابين والذين على أبواب الأبدية جديرة بأن يصغى لها، فتعتبرها على الأقل كالصاعدين على المشنقة.

يا رجال الإدارة: إن الطرق التي تسير فيها هذه السيارات أصبحت لا يحتمل السير فيها خوفا على الصحة، إن صح أن لا خوف على الحياة مثلا، إن سائقي هذه العربات يلعبون بالنار وبأرواح الناس، فترى الواحد منهم يسير وقطر الترام بجانبه، والآخر مواجهه وهو لا يهتم أبدا، فيسير كأنه في حلبة سباق ، مع أن غلطة بسيطة في هذا المقام تجعل الصحف تنشر ببنط 40 العنوان الآتي: «الكارثة الكبرى - تهشيم أتوموبيل وقطار الترام - موت عشرين وجرح الباقي.»

ولكن أين النظر البعيد الذي يجعل هذا الجاهل يرى نتيجة جنونه وتهاونه بأرواح العباد؟ يا صاحب المعالي، يا وزير الداخلية، يا سعادة المحافظ، وأخيرا يا سيدنا الحكمدار، إن الفجائع التي تحصل يوم فيها الكفاية لإيقاف هذه الزلازل عند حدها.

دعوها تسير خارج البلد تسهيلا للمواصلات، وتقليلا للحادثات، وحفظا لأرض الطرقات، وتفريجا عن المنكوبين أمثالي أصحاب العربات.

هذه المذكرة ربما كانت الأخيرة - أيها القارئ - وقد كتبها صديق لي أمليته إياها فيحسن بي، وقد كان لساني طويلا في بعض الأحايين أن أتقدم - لا عن خوف وإنكار لما كتبت - ولكن رجاء نسيان الماضي فقط، إلى جميع من أصابهم رشاش القلم «الغير مأجور» على صفحات الكشكول، إلى سادتي وسيداتي أبطال المظاهرات، الصارخين والصارخات، المصونين والمصونات، إلى أسيادي بالرغم مني رجال الإدارة من أصغر نفر إلى أجعص ... إلى سمي النبي عيسى، صاحب الاختراع العجيب لبيع النشوق الأبيض والمورد الأكبر لمستشفى المجاذيب، أن يعتبروا ما كتب «خطرفة» مجنون، ولكن على شرط، أن يعتقدوا بقول القائل: «ما أكثر كلمات الحق في أفواه المجانين» ... بل لهم أن يعتبروا صراحتي هذه كمرض وقاهم الله شره، فلا قبل لهم به.

هذه يا أسياد حنفي، ويا صاحب الكشكول الحادثة الختامية لحوذيكم المخلص في خدمتكم، لا أطلب منكم إلا الدعوات الصالحات لأخرج، ولو «على عكاز» من مستشفى قصر العيني، فأنا الآن بين شقي مقص الفناء «كما يقول حافظ بك إبراهيم» فإن مد الله في الأجل فسأظل في خدمة القراء أذكرهم بشخصي من وقت لآخر على صفحات الكشكول، وإن طوى الله كتابي فسيعرفون ذلك على هذه الصفحات أيضا فيترحموا على العربجي المسكين محسوبهم في الدنيا والآخرة.

حنفي أبو محمود

अज्ञात पृष्ठ