لا أنا مفتي ولا قاضي شرعي، مالك ومالي يا ابن راشد؟ ليه المعاكسة يا حبيبي؟ يا زبوني يا نور عنية؟ السياسة يا سيدي مسألة تلف أكبر «عترة» وكم شخملت «قرومة» ومحسوبك حنفي سترها ربك معه في الترعة اللي بيعوم فيها، فلو نزل بحرها قول الله يرحمه ويحسن إليه، أم تريد أن تسمع بأذنيك «ليحيا الأسطى حنفي، وليسقط الأسطى حنفي» أيسرك بهدلة أخيك المؤمن؟
سعد باشا سيدنا ورئيسنا، وعدلي باشا تاج رئيسنا، ولكن كل ما نطلبه أن تنتهي الحالة التي نحن فيها الآن، الحالة التي لا ترضي أحدا و«زهق منها الجميع» على يد أحدهما أو كلاهما.
تريد أن أتكلم؟ فاسمع رأيي، رأي العربحي الذي لا يعرف «أونطة» السياسة وخوازيقها، إذا وجد في خط من الأخطاط «البغالة مثلا» فتوتين يعاكس كل منهما الآخر، كان من السهل جدا على خط آخر «الحطابة مثلا» التغلب عليهما متفرقين، وطالما كان الاتحاد ناشرا رايته، والمركب بها رئيس واحد - ينصاع لرأي الأغلبية - فلا يمكن لأكبر «صبوة» مهما كانت «مشاديده» أن يتغلب عليها أبدا ...
هذا هو رأيي السياسي لا أقل ولا أكثر، أما من جهة مصائبنا الأخلاقية، وعللنا الاجتماعية فأنا محسوبك، تسألني عن أولئك الذين تراهم «يتشعبطون» في الترام وأين؟ أمام باب الحريم «كلوح اللطزان لا أقل ولا أكثر».
يبرم شنبه تارة، ويلعب حواجبه تارة أخرى، ويلف سلسلة ساعته الدوبليه على أصابعه ثم يتنهد ويعدل طربوشه، وبالاختصار ناقص يطبلوله يرقص.
ثم يجيء الكومساري فيسأله التذكرة، فإما أن يقول له أبونيه وهو كاذب، أو يشاور له برأسه أنه نازل في «القريب العاجل» كأن الترام - سبيل أم عباس أو ملجأ أبناء السبيل.
مثل هذا النوع يركب معي كثيرا، ولكنه لا يكون منفردا، فإن كان مع آخر فتأكد أنه راكب أونطة على حساب الغير؛ لأنه «جربوع» أما إذا كان مع سيدة يشتبه فيها فاعلم - وقاك الله شر «أزفت المهن» - أنه ذاهب بها إلى حيث يتناول أجرة على حق الاتفاق.
مسكين لم تفلح معه تربية أهله وذويه، ولا بهدلة الأيام فيه، وعلى ذكر المظاهرات وأيامها الحلوة وما ذكرت من سيرة أولئك الأجلاف الذين لا ينبحون أصواتهم إلا عندما تمر بهم عربات السيدات، فيا سيدي على دمه، وخلقته، وشكله البايخ حينما «يلقح» ظله الثقيل علي عربة بدون أن يعرف من فيها مناديا بأنكر الأصوات «لتحيا الحرية» «لتعيش السيدة المصرية» ثم يردفها بصوته المسموع مهما اجتهد أن يخفيه قائلا: «بنجور يا هانم!»
أتعلم ماذا يكون الجواب؟ لقد سمعته بأذني، وأقسم لك بحرمة رب كريم تواب، ومكانة رئيس الوزارة، وأسيادنا النواب بالبرلمان الذي ستسمع فيه مستغرب الحديث وغريب الكلام، بالاستقلال الذي سنصل إليه قبل اليقظة في المنام. «يا باي جتك داهية» «دا جالنا منين كمان ده» هذا ما سمعته، وأنا على كرسي، وهو بجانبها متصامم، لا ينقصه إلا شلل اللسان ليكون معرضا للعلل، تراه في الحال بعد قليل انسحب إلى عربة أخرى؛ لأنه علم أن المراس صعب، وأن السيدات ممن يحافظن على أنفسهن تلقاء سماجته.
أما إذا وافق الظل الظل، واتفقت الأرواح، وحل كلامه أرضا سهلة، فتراه بعد «بنجور الأولى» يتقدم ببنجور ثانية، فإذا رأى في العيون ميلا للرد، وفي اللسان لجلجة الخجل مد يده قائلا: يا ستي بنجور. - هئ هئ طيب بنجور.
अज्ञात पृष्ठ