मेरी यादें 1889-1951
مذكراتي ١٨٨٩–١٩٥١
शैलियों
فذهبنا نحن الاثنين معا لمقابلة مصطفى النحاس باشا بداره بمصر الجديدة لنناشده أن يقبل الائتلاف كما قبله سعد سنة 1925.
الجبهة الوطنية سنة 1935:
من اليمين إلى اليسار: حافظ عفيفي باشا، علي الشمسي باشا، حمد الباسل باشا، مكرم عبيد باشا، إسماعيل صدقي باشا، مصطفى النحاس باشا، حلمي عيسى باشا، عبد الرحمن الرافعي بك، أحمد ماهر باشا. (1) النحاس يرفض الائتلاف
ذهبنا إليه وقابلناه في داره في الساعة السادسة من مساء الخميس 21 نوفمبر سنة 1935، وعرضنا عليه فكرة توحيد الجهود وضم الصفوف وائتلاف الأحزاب لدرء الأخطار التي تهدد البلاد. فأجابنا جوابا لا يبعث على الاطمئنان؛ إذ قال إنه من أحرص الناس على الوحدة الوطنية ولكن لا بطريق الائتلاف بين الأحزاب؛ فإن الوفد قد جرب هذا الائتلاف مرتين فنقض، ولا يريد أن يعود إلى هذه التجربة، بل يقبل أن يحصل تعاون بين الأحزاب بأن يعلن كل حزب مبدأه صريحا وهو التمسك بدستور سنة 1923 ثم رد اعتداء الإنجليز عن الدستور وعن الاستقلال. فقلت له إن اجتماع الزعماء قد يسهل إعلان الأحزاب جميعا ميثاقا يتفق عليه. فأجاب بألا لزوم للاجتماع ويكفي أن يعلن كل حزب هذا المبدأ ليفهم الإنجليز أن لا خلاف بيننا. وتكلم طويلا عن نقض الأحرار الدستوريين للائتلاف الذي عقد سنة 1925 ثم سنة 1931، وقال إننا لا نريد أن نعود إلى سياسة الائتلاف، وكان كلامه قاطعا. وعرض عليه حافظ رمضان باشا إرسال وفد إلى عصبة الأمم لعرض القضية المصرية على العصبة والتشهير بالسياسة الإنجليزية، وقال إن هذه وسيلة عملية للضغط على الإنجليز وحملهم على كف عدوانهم. فأجاب بأنه لا يعارض في أن ترسل كل هيئة وفدا عنها، أما إرسال وفد يمثل الأحزاب فلا يوافق عليه، وأضاف أنه لا يثق من نتيجة عرض القضية المصرية على عصبة الأمم لأن إنجلترا لها السيطرة فيها فلا يضمن أن تحكم لصالحنا، وانتهت المقابلة في نحو السابعة والنصف وكانت نتيجتها بالنسبة للائتلاف سلبية.
1
وسألني حافظ باشا بعد المقابلة عن رأيي فيما يحسن أن نعمله بعد ما بدا لنا في مقابلتنا للنحاس باشا من تعذر الائتلاف. فقلت له: يلزمنا ألا نيأس من النجاح. وعرضت عليه أن ننشر نداء للأمة بتوقيعه بصفته رئيسا للحزب الوطني وتوقيعي بصفتي سكرتير الحزب نناشد فيه الهيئات والطوائف في أن تساهم معنا في السعي لائتلاف الأحزاب؛ فلعل هذه الحركة تكون بمثابة ضغط على الزعماء ليقبلوا الائتلاف، فاستحسن حافظ باشا الفكرة ووضعت صيغة النداء فوافق عليها. ونشر في الصحف (الأهرام 28 نوفمبر سنة 1935)، وهذا نصه:
نداء إلى الأمة «سعينا ولا نزال نسعى إلى توحيد الكلمة وضم الصفوف وائتلاف الأحزاب ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وغايتنا أن تتحد الجبهة القومية وتتغلب الأمة على العدوان المستمر على حقوق مصر. ولئن اعترضتنا في الطريق عقبات فإن ذلك لا يثنينا عن متابعة السعي فيما نحن بسبيله؛ فإن المهمة التي نسعى لها مهمة دقيقة تحتاج إلى مواصلة الجهود في غير ملل ولا هوادة.
ويقيننا أن كل ما يبذل لها من سعي وما تحتاج إليه من وقت ليس عبثا ضائعا؛ فإن اتحاد الجبهة هو الأداة الأولى للكفاح الوطني وبخاصة في الظروف العصيبة التي تجتازها البلاد الآن ، وليس السبيل إلى نجاح هذه المهمة التراشق بالسهام واستثارة الضغائن والأحقاد بل نحن أحوج ما نكون إلى ضبط النفس لكي نستخلص الوحدة القومية من بين الأشواك والعقبات التي تكتنفها؛ من أجل ذلك جئنا نناشد الأحزاب أن تتجاوز عما يستثير غضبها من قوارص الكلم وأن تقابل ذلك بالحلم وسعة الصدر، لا سيما وأن الفوارق بين الأحزاب لا يقام لها وزن بجانب الغاية التي نسعى إليها. ونهيب بالأمة أن تعاوننا في تحقيق هذه المهمة، وأن تشترك عمليا في نجاحها بأن تتضافر طوائفها وجماعاتها ونقاباتها وأفرادها على اختلاف مراكزهم ومشاربهم للإعراب عن إرادتهم في توحيد جبهة الجهاد.
ولا ريب عندنا أنه إذا أجمعت الأمة كلمتها وأظهرت إرادتها واضحة جلية في ضرورة توحيد الصفوف؛ فإن الأحزاب على الرغم من مظاهر الخلاف بينها تقدر روعة هذه الإرادة وتنزل على رغبة الأمة التي تنطق باسمها وتستمد منها سلطانها.
هذا هو واجب كل وطني صادق، وتلك سبيلنا دعونا وندعو إليها.
अज्ञात पृष्ठ