मुधक्किरात नजीब अल-रिहानी
مذكرات نجيب الريحاني
शैलियों
واستمرت رواية «إبقى قابلني» تمثل شهرا كاملا دون أن يقل إقبال الجمهور أو ينقص إيراد الشباك، مما حمل «المسيو ديموكنجس مؤجر الملهى» على تمام الثقة بأننا نسير إلى الأمام، وبأنه كان على حق حين رغب في الاتفاق معنا.
وبعد شهر أخرجنا رواية «كشكش بك في باريس»، فكان نصيبها من النجاح نصيب سابقتها. وأخذ اسم كشكش بك ينتشر بين الطبقات، ويسري فيها مسرى الكهرباء، حتى جرى على كل لسان في الدور والقصور والميادين والأزقة. ولم يعد أحد في مصر كلها قاصيها ودانيها لم يردد هذا الاسم، بل ويبتسم حين يطرق سمعه.
وكانت ثالثة رواياتنا «وصية كشكش» فلم تقل من حيث النجاح والفوز عن سابقتها.
عطلة إجبارية
وفي شهر مايو سنة 1917 انتهت مدة التعاقد بين الخواجة ديموكنجس وصاحب الملك فلم يشأ ديمو أن يجدده، بل رأى بثاقب بصره أن يستقل بمسرح جديد يكون ملكا خاصا به، ففاتحني في الأمر، ووافقته على وجهة نظره، لأن قيمة الإيجار الذي يدفعه كانت كبيرة جدا. وراح ديمو يبحث عن المكان الجديد فوقع اختياره على «قهوة» في شارع عماد الدين، مقامة على قطعة من الأرض يمتلكها البنك العقاري المصري، وبعد المعاينة اللازمة اتفقنا على احتلالها وإقامة مسرح مكانها.
وتقرر أن يبدأ العمل فورا في الهدم والبناء وقدرت المدة اللازمة لذلك بأربعة أشهر قضيناها معطلين عن العمل.
ولكن كانت جيوبنا والحمد لله تحوي ما يكفينا ألم الفاقة وشظف العيش الذي قاسيناه في أيامنا الخالية ... الله لا يرجعها ولا يورينا وشها!
وانتهت المدة المقررة فإذا نحن أمام مسرح كامل البناء وإن كان من غير سقف، ومع ذلك تقرر استئناف العمل، ولنكتفي بتغطية الصالة بالقماش حتى يحلها الحلال، ثم ننظر في موضوع وضع السقف اللازم!!
وجاء دور اختيار الاسم الذي نطلقه على مسرحنا هذا، ففكرت في اختياره على أن يكون معروفا للمصريين والأجانب على حد سواء، لأني لاحظت أن أولئك الأخيرين بدءوا يتهافتون (كزبائن) مستديمين لفرقتنا، بحيث أصبح الإقبال موزعا بين الفريقين (المصريين والأجانب) على حد سواء. ووقع اختياري على اسم الأجبسيانة فأطلقناه على مسرحنا هذا، وقد كان افتتاحه مبدأ في التاريخ الجديد لشارع عماد الدين. وبعد قليل من الزمن كان اسم مسرحنا يطغي على اسم الشارع لامتداد سمعته واتساع نطاق شهرته.
وهنا أرى أن أعود قليلا إلى موضوع بناء مسرح الأجبسيانة فأقول إن المال الذي كان المسيو كنجس يملكه قد نضب قبل أن ينتهي العمل، فاضطررت أن أمده بما بقي لي من «شقا العمر كله» حتى أصبحت على الحديدة «وعدنا إلى ما كنا فيه من البؤس إياه».
अज्ञात पृष्ठ