मुधक्किरात नजीब अल-रिहानी
مذكرات نجيب الريحاني
शैलियों
تناولت التذكرة التي «عليها العين»، وقبل الموعد المحدد كنت بين يدي الرجل وجلست المدام تقرأ كفي. ويا للغرابة والدهشة!
إنني لم أتعود في حياتي أن ألقي القول جزافا، كما أنني لست ممن يصورون من الحبة قبة، بل ولا أميل إلى التهويل والمبالغة في الوصف ... فهل تصدقني - أيها القارئ - إذا قلت لك: إن هذه السيدة أخبرتني بأشياء حدثت لي في الماضي، كما لو كانت معي، وأنها قصت علي ظروفا خاصة اجتزتها بنفس النمط الذي ذكرته؟ حقا لقد خبلت عقلي بما ألقت إلي من تاريخ حياتي الماضية، وتركتني ذاهلا أفكر كيف يمكن لامرئ مهما بلغ عمله أن يقف على مثل هذه التفاصيل الدقيقة المدهشة؟!!
وبعد ذلك تنبأت لي بما سيكون عليه مستقبلي!
كان ذلك عام 1913، وأقسم بالله غير حانث أنني ما زلت طيلة هذه الأعوام التالية حتى الآن أجتاز من أدوار حياتي مراحل سبق أن تنبأت لي بها هذه السيدة!
كنت أيامها موظفا بسيطا في شركة السكر أتقاضى مرتبا لا يزيد على أربعة عشر جنيها، ولم يكن أمامي ما يبشر بصلاح الأحوال أو تبدل الأيام، ومع ذلك فقد قالت لي إن حياتي عبارة عن ضجة صاخبة، وأن أموالا كثيرة ستتداولها يدي، وأنني سأنتقل من فقر إلى غنى ومن غنى إلى فقر، ثم يعود الغنى، ثم ... وهنا خانتني الذاكرة بكل أسف، إذ لست أعي تماما ما انتهى إليه تنبؤها، وهل أوصلتني في أخرياتي إلى هضاب الفقر المدقع، أم إلى وديان الثراء الممتع؟!
على أنني رحت أجول بالذاكرة في تأويل هذه التنبؤات فأما الفقر ... فهذا شيء متوفر والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. وأما الغنى، فمن أين يأتيني يا ترى؟
فتشت عن قريب لي من ذوي الثراء، ورحت أبحث عن شجرة العائلة، وأدرس أصولها وفروعها، لعلي أعثر على واحد بينهم لا وريث له قائلا: «يمكن يا واد يشوفك في وصيته بحسبة كام ألف مصري يبحبحوك» ... أمال بس منين رايح يجيني الغنى يا اخواتي إن ما جاش بالطريقة دي، هل يأتي من التمثيل؟ اسم الله ... ده اخوانا باسم الله ما شاء الله مكانش يلف الشهر إلا والجعيص فيهم يستلف قد ماهيته مرتين!!
نهايته لم يفدني التفكير شيئا، ولم يسعفني قاموس الأسرة ولا شجرتها المباركة، بما يروي غليلي، فتركت الأمور تجري في أعنتها ونمت بعد ذلك خالي البال هادئ البلبال!
طيب البال عرفناه، ولكن البلبال إيه كمان؟ والله ما أنا عارف. لم يقتصر ما أفضت به إلي هذه العرافة على موضوع الفقر والغنى، بل باحت لي بأشياء سرية في حياتي الخاصة. وأصارحكم يا سادتي أن هذه الأشياء وقعت بحذافيرها بعد سنوات منذ ذلك التاريخ!
أخاف السيارات
अज्ञात पृष्ठ