وعقب سعادة الهر سفرنج ... فقال: «إن أول اجتماع للنهضة النسائية الألمانية عقد في حديقة داره من نحو خمس وعشرين سنة بناء على دعوة وجهت إلى سيدات برلين باسم قرينته، وأنه لما عقد يومئذ ذلك الاجتماع الأول من نوعه، تساءل الناس هل يكون الثبات شعار المرأة الألمانية والنجاح نصيبها، فإذا به اليوم يشاهد المرأة المصرية تجلس إلى جانب المرأة الألمانية وإلى جانب الفرنسوية والإنجليزية والأمريكية وغيرها، وتمثل بلاد الفراعنة تمثيلا خليقا بكل إجلال وإكبار؛ لأنها لا تقل بذكائها وفطنتها وعلمها ونشاطها عن أي امرأة كانت في أي بلد كان من بلدان الغرب.
وتلاه سعادة الهر جرارد وزير الحقانية الألمانية، فقال إنه يتشرف بأن يكون من أنصار النهضة النسائية في العالم، وإنه لمن بواعث اغتباطه أن يجاهر في هذه المأدبة المصرية بأنه وهو كوزير للحقانية الألمانية سيفرغ قصارى طاقته، ليعمل على تحقيق مطالب المرأة الألمانية التي ترمي إلى مساواتها بالرجل في الحقوق المدنية في ألمانيا، فنهضت السيدة هدى هانم وشكرته على هذه المجاملة الرقيقة.
هذه سطور رأيت أن أخطها عقب عودتي إلى مصر من أوروبا، ليطلع أبناء هذا الشعب وبناته على صفحة وجيزة من صفحات الجهاد القومي الاجتماعي الأدبي الجليل القدر، الذي تجاهده السيدة الجليلة هدى هانم شعراوي في سبيل نشر الدعوة لبنات جنسها في بلاد الغرب؛ حيث لا يزال الناس يجهلون الشيء الكثير عن مصر والمصريين والمصريات.
الفصل الثاني والأربعون
كان صوت النهضة النسائية الصاعدة في مصر قد بدأ يحقق صدى طيبا بالنسبة للمرأة العربية في كل البلدان الأخرى، وكان من مظاهر ذلك أن قام المجمع النسائي العربي في بيروت، الذي يضم نساء لبنان وسورية وفلسطين، بعقد اجتماع في أكتوبر 1929 قرر فيه عقد مؤتمر نسوي عام في الربيع المقبل بمدينة دمشق، وذلك للنظر في حالة المرأة، وإحياء آداب اللغة العربية، وترويج المصنوعات الوطنية، وتعزيز الوحدة القومية بين نساء الطوائف المختلفة، وتعليم الفتيات وتهذيبهن لرفع مستواهن.
وقد كتبت الأديبة المعروفة «مي زيادة» مقالا مسهبا عن هذا المؤتمر في جريدة الأهرام الصادرة بتاريخ 12 أكتوبر 1939 قارنت فيه بين اهتمام الرجال بالسياسة، واهتمام المرأة بما هو أهم وأفعل وأنفع.
المرأة والتطور العالمي
وفي 12 نوفمبر 1929، ألقيت محاضرة في الجامعة الأمريكية تلبية لدعوة المستر مكلنهن مدير الجامعة، عن دور المرأة في حركة التطور العالمي، تناولت فيها كفاح المرأة في الغرب من أجل الحرية والمساواة، ثم تطرقت إلى دور الاتحاد النسوي المصري في المؤتمرات النسائية الدولية ابتداء من مؤتمر روما عام 1923 ثم مؤتمر جراتس عام 1925، وباريس عام 1926، وأمستردام عام 1927، وبرلين عام 1929، ثم رحلتي إلى أمريكا ولقائي مع المؤسسات النسوية ومعارضنا التي تصور النهضة المصرية، بالإضافة إلى ما حققه الاتحاد من تقدم كبير في حالة المرأة المصرية والغربية.
وقلت: «إذا كنا في نهضتنا لم نجد أساسا من الماضي نبني عليه، فما عدمنا من بين الرجال عضدا في فتح الطريق أمامنا وتشجيعنا على السير فيه.
فقد كان لصاحب الشريعة الإسلامية
अज्ञात पृष्ठ