190

मुज़क्किरात

مذكرات هدى شعراوي

शैलियों

فإذا كان هناك من موجب لاستياء المرأة وشكواها، فليس من رجحان نصيب الرجل على نصيبها في الميراث، بل من تصرفات أخرى يتبعها الوالدان، وكثيرا ما تفضي إلى حرمانها من هذا النصيب الضئيل بطريق الوقف. وإذا شكونا منها لا نكون متظلمين من الشريعة نفسها بل من الخروج على أحكامها بهذه الحيل باسم الدين وهو بريء منها، أعني بذلك احتيال الوالدين على حرمان بناتهم مما قدر لهم شرعا بواسطة الوقف، فيرصدون أموالهم على الذكور، على أن المجمع عليه شرعا أن المورث لا يملك في حياته تعديل نصيب ورثته بعده، وكل تصرف يخالف ذلك يعتبر باطلا.

دعاة الإلحاد

ولعل حكومتنا القائمة بالإصلاح الآن توفق لأن تضع حدا لهذا الظلم المخالف للعدل ولروح الشريعة الغراء.

وقد هاجمت صحيفة الأخبار دعوة الأستاذ سلامة هجوما عنيفا. وقالت في مقال منشور بتاريخ 29 ديسمبر 1928: «مكانكم يا دعاة الإلحاد ... لقد كان في النية أن نرد كيد دعاة الفتنة إلى نحورهم، ولكنا رأينا أن حضرة السيدة هدى شعراوي هانم قد قامت بهذا الواجب ... ولعل في رد السيدة ما يرجع دعاة الإلحاد إلى الصواب، وإلا فإن هم عادوا عدنا وأخرجنا من الجراب ما يلقف ما صنعوه، وما صنعوا إلا سحر ساحر

ولا يفلح الساحر حيث أتى .»

رسالة الأمير طوسون

وقد تلقيت في أعقاب نشر المقال، رسالة من الأمير عمر طوسون يعلق فيها على موقفي من مسألة الميراث، وقد نشرت الصحف نص هذه الرسالة التي جاء فيها:

قرأنا المقال الحكيم المنشور في جريدة الأهرام الغراء تحت عنوان «نصيب المرأة في الميراث»، فسرنا أن تكون الحكمة رائد عصمتك فيما توخيته من نهضة المرأة المصرية والعمل على رقيها مع الاحتفاظ بالشرائع الإلهية والصالح من عاداتنا وأخلاقنا ومميزاتنا القومية كأمة لها كيان بمقوماتها ومشخصاتها. فهذه هي طريق الإصلاح النافع وسبيل النهضة الصحيحة.

أما الدعوة إلى إطراح قوميتنا والانفصال شيئا فشيئا عن أصول ديانتنا، تلك الدعوة التي يدعو إليها الآن نفر منا رأوا الشقة بيننا وبين الغربيين بعيدة، فأرادوا بحسن قصد فيما نظن أن يعلوا بنا إليهم من طريق الطفرة، وحسبوا من استحكام حلقات التأخر وتغلغله فينا أن ليس لنا نجاة إلا بتحطيم ما نحن عليه من خلق وعادات ودين، فتلك دعوة خطرة المغبة، سيرون بأعينهم قريبا من عملوا بها قد ضلوا الطريق وأصبحوا حيارى لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.

لذلك كان إعجابنا بمقال عصمتك في وسط هذه المحن التي تحدق بالشرق والشرقيين إعجابا لا حد له، وارتياحنا إليه من هذه الناحية عظيما كبيرا، خصوصا أنك أيدت فيه جانب الشريعة الإسلامية الغراء، وبينت وجه الحكمة وسر التشريع في نقص نصيب المرأة عن الرجل في الميراث ... وإذا كان اللائق في بعض الأحيان يدعو إلى الإغضاء على القذى والغض عن الإساءة، فالواجب يحتم أن يقال للمحسن أحسنت، وهذا هو الذي أردناه من كتابنا هذا إلى عصمتك.

अज्ञात पृष्ठ