ففيه اولا : ان النظم والترتيب لا دخل له بالفصاحة اصلا.
وثانيا : ان المطلوب ربما لا يكون مرتبا ومنظما ، وحينئذ فمقتضى الفصاحة والبلاغة عدم الترتيب والنظم ، كما هو حال القرآن ، فانه نزل نجوما بحسب المصالح الموجودة في الأوقات المختلفة ،
وثالثا : ان التحقيق : ان هذا النظم والترتيب الذي عليه القرآن في زماننا هذا ، وقع من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ، وليس نزوله على هذا الترتيب كما ذهب اليه بعض العلماء من الخاصة : كشيخنا (الطبرسي) صاحب (مجمع البيان) وجمهور العامة ، وقد صنفوا في بيان مناسبات الآيات والسور بعضها مع بعض كتبا ووسائل ، وبينوا فيها وجوه المناسبة ، حتى فيما ظاهره الاستقلال والمغايرة : مثل انهم ذكروا ، ان عادة القرآن جرت على انه اذا ذكر احكاما ، ذكر بعدها وعدا ووعيدا ، ليكون باعثا على العمل بما سبق ، ثم ذكر آيات توحيد وتنزيه ليعلم عظم الآمر والناهي ، يصدق ذلك من التأمل في سورة (البقرة ، والنساء ، والمائدة) وربما يكون الارتباط والمناسبة بقرائن معنوية ، واسباب باطنية.
كالتنظير في قوله تعالى : « كما أخرجك ربك من بيتك بالحق » عقيب قوله : « أولئك هم المؤمنون حقا » فانه تعالى امر رسوله ان يمضي» لأمره في الغنائم على كره من أصحابه ، كما مضى لأمره في خروجه من بينه لطلب العير او للقتال وهم له كارهون ، والمقصود ان كراهتهم لما فعله من قسمة الغنائم ككراهتهم للخروج ، وقد تبين في الخروج الخير من الظفر والنصر والغنيمة وعز الاسلام ، فكذا ما فعله من القسمة ، فليطيعوا ما امروا به ، ويتركوا هوى أنفسهم.
وكالتضاد في قوله تعالى في سورة البقرة : « الذين كفروا سواء
पृष्ठ 109