أمره بالتقوى عند السؤال عنه، أو أمر بفعل مضادِّه أو بهجر فاعله، أو تلاعَنَ فاعلوه في الآخرة، أو تبرأ بعضهم من بعض، أو دعا بعضهم على بعض، أو وصف فاعله بالضلالة وأنه ليس من الله في شيء أو ليس من الرسول وأصحابه، أو جعل اجتنابه سببًا للفلاح، أو جعله سببًا لإيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين، أو قيل: هل أنت منْتَهٍ، أو نهى الأنبياء عن الدعاء لفاعله، أو رتب عليه إبعادًا أو طردًا، أو لفظة قُتل من فعله، أو قاتله الله، أو أخبر أن فاعله لا يكلمه الله في الآخرة ولا ينظر إليه ولا يُزَكيه، ولا يصلح عمله ولا يهدي كيْده، أو قيّض له الشيطان، أو جعل سببًا لإزاغة قلب فاعله، أو صرفه عن آيات الله وسؤاله عن علة الفعل، فهو دليل على المنع من الفعل، ودلالتُه على التحريم أظهر من دلالته على مجرد الكراهة.
وتستفاد الإباحة من "لفظ الإحلال، ونفي الجناح والحَرَج والإثم وألمؤاخدة، ومن الإذن فيه والعفو عنه، ومن الامتنان بما في الأعيان من المنافع، ومن
السكوت عن التحريم، ومن الإنكار على من حرم الشيء، ومن الإخبار بأنه خُلِق أو جُعل لنا، والإخبار عن فعل مَنْ قبلنا غير ذام لهم عليه، فإن اقترن بإخبار مَدْحٌ دل على مشروعيته وجوبًا أو استحبابًا.
انتهى كلام الشيخ عز الدين بن عبد السلام.
وقال غيره: وقد يستنبط من السكوت.
وقد استدل جماعة على أن القرآن غير مخلوق بأن الله ذبكر الإنسان في ثمانية
عشر موضعًا وقال " إنه مخلوق"، وذكر القرآن في أربع وخمسين موضعًا ولم
يقل إنه مخلوق.
ولما جمع بينهما غاير، فقال: (الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) .
فهذا أحد وجوه إعجازه.
*******
الوجه الثاني من وجوه إعجازه
كونه محفوظًا عن الزيادة والنقصان، محروسا عن التبديل والتغيير على تطاول
الأزمان، بخلاف سائر الكتب.
قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) .
فلم يقدر أحد بحمد الله على التجاسر عليه.
*******
1 / 22