وفي عامة ما قيل إن المشكل من الأحكام، إذا كان في الاعتبار ألا بد أن يكون في أحد الحالين اللذين نزل بينهما من الحكمين أن يحكم له في حال بهذا، وفي حال بهذا من جميع ما يستحق في الحكمين في إمكان ذلك فيه ولزوم معناه بإثبات معنى الحكمين جميعا له، فخرج عندي على معنى الاحتياط والخروج من الشبهة، وليس ذلك ببعيد في ثبوت الأحكام بما يشبه الأصول، وبثبوت الحكم له بما لا بد أنه يستحقه في أحد المعنيين وهو استواء أحواله، والوقوف عما سوى ذلك، وهو أصل الحكم الذي لا يختلف فيه بالبيان الذي لا شبهة فيه، ويرجى معنى الشبهة والإشكال إلى الله - تبارك وتعالى -، ويثبت معنى مصالحة فيما بين المخلوقين، فيما يجوز فيه الصلح ويحل في معاني الأحوال، ولا يجوز أن يصلح على غير معنى البيان، في الحكم في الأبدان ولا في الفروج ولا يشبه فيه معنى التحري، فإنما يشبه معاني التحري في الأموال، فمن هاهنا لزم الوقوف عن إباحة تزويج المشكل، وهو الذي يسمى الخنثى،في بعض معاني القول بمثله أو بأنثى أو بذكر، لأنه لم يأت فيه نص يشبه معنى الإجماع، وكان أمره مشكلا، فإن تزويج المشكل بأنثى أو بذكر، أو بمشكل مثله وهو الخنثى، لم يبن لي في الحكم على ما يثبت من التحريم، بما يوجب حكم الإجماع أن يفرق بينهما، ولا يبرأ منهما على الإقامة على ذلك التزويج من الإشكال الذي دخل عليهما، وفي أمرهما وإن كانت لهما ولايته، كانا عندي على ولايتهما، ولا يبين لي الوقوف عن ولايتهما جميعا بمعنى الحكم، بعد أن ثبتت الولاية، لأني لا أقول إن أحدهما مخطىء لا محال، بمنزلة المتلاعنين وما أشبههما من المقتتلين، ولا نعلم أيهما المحق ولا أيهما المبطل، وما أشبه بهذا الفصل فليس نكاح مشكل بمثله،ولا بأنثى أو بذكر عندي، بمنزلة المتلاعنين وما أشبههما في معنى الولاية والبراءة، ولكنهما عندي كل واحد منهما على الانفراد على حالته التي كانت له، وأمر أيهما بترك هذا التزويج بالطلاق ولا بالفراق بينهما بغير طلاق، إذا كانا قد رضيا بالتزويج دخلا ببعضهما ، أو لم يدخلا للإشكال الذي يدخل في التزويج، إذا وقع وانعقد، فعقدوا الرضا به على وجه التزويج لأنه الصحيح من،الحكم، فيما لا شك فيه أن هذا المشكل أمره، وإما هو ذكر وإما هو أنثى، وليس هو ذكر وأنثى بحال، ويحرم على النساء والرجال، وإنما هو امرأة فتحل للرجال، أو رجل فيحل له النساء بتزويج الحلال، وإنما خرج مخرج الإشكال وعزل عن معنى حكم التصريح بحكم النساء أو حكم الرجال لمعنى الشبهة والإشكال، فهو أبدا مشكل أمره عندي، ما لم يصح له براءة من الإشكال، فإن مات أحدهم لم يثبت له في الحكم عندي ميراث بالتزويج، ولا بتزويجه مشكل، لم ينعقد في الحكم فيدخله الاحتمال في الحكم، ويرجى علم ذلك إلى الله -تعالى - في تلك الأحوال، ولا يبعد على معنى ما قيل في أشياء كثيرة، في معنى المال في الوصايا والمواريث، أن يورثا من بعضهما بعض من الحالين، فيكون له نصف ميراث الزوج، ويكون للزوجة منه نصف ميراث الزوج، لأنه في أن يكون زوجا إذا كانت معه زوجة امرأة.
وكذلك يمكن أن يكون زوجة إذا تزوج رجلا، فلا يبعد عندي أن يكون له من المرأة الصريحة، إذا ماتت عنه وقد تزوجها ورضيت به زوجا نصف ميراث الزوج.
وهذا القول يخرج عندي على قول من يورث الخنثى من الحالين، لأنه لما وقع التزويج أشكل الأمر في ثبوت التزويج فلم يثبت صحيحا ولا فاسدا في معاني الحكم،وكان مشكلا فلحقه معاني الإشكال في الميراث على حسب هذا يخرج معي ترتيب أمرهم في الميراث ما لم يصح الحكم فيهم بثبوت الخنثى ذكرا أو أنثى، فيستحيل الأمر إلى معنى البيان وثبوت الحكم ويبطل الإشكال.
पृष्ठ 54