मुअजिज़ अहमद
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
शैलियों
अलंकार
يقول: إن كان الدمستق قد نجا من سيوفك، فلم يفلت إلا وقلبه مملوء من الفزع، فقد حل في قلبه من الخوف ما يقوم مقام قتله. ومثله لأبي تمام:
إن ينج منك أبو نصر فعن قدرٍ ... ينجو الرجال ولكن سله كيف نجا؟!
يباشر الأمن دهرًا وهو مختبلٌ ... ويشرب الخمر حولًا وهو ممتقع
المختبل: الفاسد العقل. والممتقع: المتغير اللون.
يقول: قد دخل قلب الدمستق من الخوف، ما يباشر معه الأمن دهرا طويلا، وعقله زائل ويشرب الخمر حولا كاملا ولونه حائل، لشدة الفزع الذي حصل له، مع أن شرب الخمر يظهر في اللون حمرة.
كم من حشاشة بطريقٍ تضمّنها ... للباترات أمينٌ ما له ورع
الحشاشة: بقية النفس. والبطريق: عند الروم القائد. وتضمنها: أي تكفل بها. والمراد بالأمين: القيد.
يقول: كم من روح قائد من قواد الروم تكفل بها للسيوف القواطع القيد، وهو أمين، حتى يرد عليها، وإن لم يكن له ورع يكفه عن الخيانة.
وقيل: أراد بالأمين سيف الدولة، وتركه للتورع هو أنه يقتلهم لأنهم كفار، ويعرض عن عفوهم، إذ التورع يقتضي ذلك. والأول أولى.
يقاتل الخطو عنه حين يطلبه ... ويطرد النّوم عنه حين يضطّجع
يقاتل الخطو عنه: الضمير في عنه للبطريق.
يقول: إذ طلبه خطوه لينجيه، دفع القيد عنه فجعل ذلك مقاتلة بين الخطو وبين القيد، وإذا أراد أن ينام طرد عنه النوم هذا القيد. وهذا أحسن المعاني في وصف القيد. وقد قال أبو نواس مثله أو قريبًا منه:
إذا قام أعيته على السّاق حلقةٌ ... بها خطوه عند القيام قصير
تغدو المنايا فلا تنفكّ واقفةً ... حتّى يقول لها: عودي، فتندفع
تندفع: أي تسير سيرًا سريعًا.
يقول: إن الموت تحت طاعته، فيغدوا كل يوم، فيقف بين يديه، انتظارًا لأمره، فإذا أمره بالوقوع بالأعداء يقول له: اعد إليهم، اندفع إليهم في السير، وأسرع في إجابته وطاعته، فأتى على أرواحهم.
قل للدمستق: إن المسلمين لكم ... خانوا الأمير فجازاهم بما صنعوا
يقول: إن المسلمين بفتح اللام: أي الذين أسلمهم سيف الدولة إلى أعدائهم ولم يذب عنهم، إنما فعل ذلك لأنهم خانوه، وخالفوا أمره، فتركهم حتى ظفر بهم العدو، وجعل ذلك جزاء مخالفتهم لأمره، ومعناه: أنهم لما خالفوه لم يظفروا بعدوهم.
وجدتموهم نيامًا في دمائكم ... كأنّ قتلاكم إيّاهم فجعوا
لما انهزم أصحاب سيف الدولة، التجأ من لا يمكنه الفرار منهم إلى قتلى الكفار، وطرح نفسه بين القتلى، وتخضب بدمائهم؛ ليحسب أنه قتيل فلا يتعرض له.
فيقول: إنما أسرتم كل عاجز لم يكن له حيلة سوى أن يطرح نفسه بين القتلى، ويخضب بدمائهم، فكأنه هو الفجيع بقتلاكم، يلقى نفسه عليهم أسفًا، ويتخضب بدمائهم جزعًا
ضعفي تعفّ الأعادي عن مثالهم ... من الأعادي وإن همّوا بهم نزعوا
يقول: الذين أسرتموهم، وقتلتموهم كانوا ضعفى، بحيث إذا ظفر العدو بعدوه على حالة مثلها أمسك عنه، وإن هم بقتله نزع عنه: أي كف عنه، لأن حاله شر من القتلى.
وروى: وإن هموا وإن نزعوا أي لا يقتلهم العدو وإن هموا بقتلهم، ومالوا إليه.
لا تحسبوا من أسرتم كان ذا رمق ... فليس يأكل إلاّ الميّت الضّبع
يقول: لا تظنوا أن من أسرتم كان حيًا، بل لم تأسروا إلا كل ميت لم يبق فيه رمق، لأنكم كالضبع، والضبع لا يأكل إلا الميت فلو كانوا أحياء لما أمكنكم أسرهم.
هلاّ على عقب الوادي وقد صعدت ... أسدٌ تمرّ فرادى ليس تجتمع؟
العقب: جمع عقبة. وروى على عقب الوادي: وهو أسفله وآخره. وقيل: هو موضع بعينه.
يقول: فهلا أسرتم، أو هلا وقفتم أو حاربتم حين عبرنا الوادي وصعدنا عقبه، وكانت خيلنا كالأسود، تمر فرادى للحرب لا يتوقف بعضها لبعض.
تشقكم بفتاها كلّ سلهبةٍ ... والضرب يأخذ منكم فوق ما يدع
روى: بقناها: أي برماحها. وروى: بفتاها، والمراد به سيف الدولة. والسلهبة: الفرس الطويلة، وقيل: الضامرة الخفيفة.
يقول: هلا تعرضتم لنا حين كانت الخيل السلاهب تشقكم برماحها، أو بفتاها: أي تحمل إليكم رجلا يقتلكم، أو رماحًا تطعنون بها. وقوله: الضرب يأخذ منكم فوق ما يدع أي أن من قتل منكم وجرح أكثر ممن سلم وتخلص من القتل والجرح.
1 / 257