248

मुअजिज़ अहमद

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

शैलियों

अलंकार
يقول: سيف الدولة معلم بغرته، مشهور بوجهه في هذه المواضع، لا يحتاج إلى علامة غيرها؛ لشهرتها. وروى: معلم أي قد أعلم لذلك، أو عليه موضع علامة. يقرّ له بالفضل من لا يودّه ... ويقضي له بالسّعد من لا ينجّم يقول: قد ظهر فضله في الناس، حتى تساوي في الإقرار به الأولياء والأعداء، وثبتت له السعادة، واستمرت له السلامة، حتى تشارك المنجم وغيره بالقضاء له بالسعادة؛ استشهارًا بظاهر الحال فيعتبر به المآل. أجار على الأيّ؟ ام حتّى ظننته ... تطالبه بالرّد عادٌ وجرهم أجار على الأيام: أي منع جورها عن الناس. وعاد وجرهم: أمتان هلكتا في قديم الزمان. يقول: إنه أجار جميع النام من حوادث الأيام، حتى ظننت أن عادًا وجرهمًا. تجيئان إليه، وتطالبانه بردهما إلى الدنيا، والانتقام لهما من الأيام. ضلالًا لهذي الريح! ماذا تريده!؟ ... وهديًا لهذا السّيل! ماذا يؤمّم ضلالًا، وهديا: نصب على المصدر بفعل مضمر. كان سيف الدولة زار قبر أمه فأصابه في طريقه ريح فيه مطر فقال للريح: ضلالًا: أي أضلها الله ضلالًا؛ لأنها تزعم أنها عارضته، وأرادت أن تثنيه عن طريقه. ودعا للسيل بالهدى؛ لأنه زعم أنه جاء مع سيف الدولة يزور قبر أمه، ويسقى تربتها. وقيل: الدعاء على الريح؛ لأنها تضر في الغالب، ودعاء للمطر لأنه ينفع في الأكثر. ألم يسأل الوبل الّذي رام ثنينا ... فيخبره عنك الحديد المثلّم؟ يقول: هلاّ يسأل هذا المطر الذي أراد صرفنا عن مقصدنا، حتى يخبره عنك الحديد المثلم، بأنك إذا رمت مرامًا لم يصدك عنه سيف حسام، فكيف يثنيك المطر والغمام. وأراد بالحديد سلاح الأعداء. ولمّا تلقّاك السّحاب بصوبه ... تلقّاه أعلى منه كعبًا وأكرم الصوب: المطر. وأعلى منه كعبًا: أي منزلة. يقول: لما تلقاك السحاب بمطره في طريقك، تلقاه من هو أعلى منه محلًا وأجل منه قدرًا. فباشر وجهًا طالما باشر القنا ... وبلّ ثيابًا طالما بلّها الدّم يقول: باشر السحاب وجهًا أكثر منه مباشرة للرماح، وبل ثيابًا بلها الدم قبل ذلك، فالمطر أهون شيء عنده. تلاك ... وبعض الغيث يتبع بعضه من الشّام يتلو الحاذق المتعلّم يعني يتبعك هذا المطر لأنك غيث مثله، والغيث يتبع بعضه بعضًا كما يتبع المتعلم الأستاذ. فزار الّتي زارت بك الخيل قبرها ... وجشّمه الشّوق الّذي تتجشّم فاعل زار: الغيث، ومفعوله التي والذي في موضع نصب؛ لأنه مفعول جشمه، والهاء للغيث. يقول: زار هذا الغيث قبر والدتك، وكلفه الشوق من السير مثل ما تكلفت أنت، أي هو يشتاق قبرها كما تشتاقه أنت. ولمّا عرضت الجيش كان بهاؤه ... على الفارس المرخى الذّؤابة منهم يقول: لما عرضت الجيش، كان بهاء هذا الجيش وجماله بالفارس الذي أرخى ذؤابته. سيف الدولة الممدوح. حواليه بحرٌ للتّجافيف مائجٌ ... يسير به طودٌ من الخيل أيهم الطود: الجبل. والأيهم: الصعب الذي لا يهتدي إلى موضع صعوده. والمائج: الفاعل من ماج يموج إذا اضطرب. شبه تجافيف الخيل ببحر يموج لكثرتها وصفائها، وشبه الخيل في اجتماعها بجبل صعب المرتقى، فجعل التجافيف بحرًا مائجًا على جبل شاهق. تساوت به الأقطار حتّى كأنّه ... يجمّع أشتات الجبال وينظم الأقطار: نواحي الأرض، والواحد قطر وقتر والهاء في به للجيش، أو للبحر أو للقطر. والمعنى: أن هذا الجيش قد ملأ بين الجبال حتى تساوت به جميع نواحي الأرض، وصارت الأرض جبالًا؛ فكأنه جمع الجبال المتفرقة. وروى: أشتات البلاد. وكلّ فتىً للحرب فوق جبينه ... من الضّرب سطرٌ بالأسنّة معجم يقول: كل واحد من هذا الجيش فوق جبينه أثر الضرب والطعن؛ لشجاعته وتعوده الحرب. فشبه أثر الضرب بالسطر لا ستطالتها كالسطر وأثر الطعن بالمعجم؛ لاستدارته كالنقط، وهو أحسن من قول أبي تمام: كتبت أوجههم مشقًا ونمنمةً ... ضربًا وطعنًا يقدّ الهام والصّلفا كتابة لآتنى مقروءةً أبدًا ... وما كتبت بها لاما ولا ألفا يمدّ يديه في المفاضة ضيغمٌ ... وعينيه من تحت التّريكة أرقم

1 / 248