241

मुअजिज़ अहमद

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

शैलियों

अलंकार
ولكنّا نداعب منك قرمًا ... تراجعت القروم له حقاقا المداعبة: الممازحة، والدعابة: المزاح. والقوم، الفحل الكريم من الإبل. والحقاق: جمع الحق، وهو الذي دخل في السنة الرابعة، والأنثى حقة. يقول: جودك لا يقاومه شكر، وإنما قلت هذا مزحًا، وأنت سيد تفضل جميع السادة، فكل سيد قيس إليك وقوبل بك يعود ذليلا كالحقة إذا قيست إلى القرم، فكما أنه يفضلها كذلك أنت تفضل كل سيد كريم. فتىّ لا تسلب القتلى يداه ... ويسلب عفوه الأسرى الوثاقا الوثاق: بالكسر والفتح ما يشد به الأسير. يقول: هو لا يسلب قتيله أبدًا ويفك الغل من الأسارى بالعفو والإحسان. ولم تأت الجميل إليّ سهوًا ... ولم أظفر به منك استراقا يقول: لم يكن إحسانك إلي عن غلط منك، ولا عن خديعة واستراق مني له، ولكني نلته باستحقاق، وأحسنت إلي بعد الامتحان. والهاء في به يعود إلى الجميل. فأبلغ حاسديّ عليك أنّى ... كبا برقٌ يحاول بي لحاقا كبا الفرس يكبو: إذا عثر. يقول: أبلغ من يحسدني على محلي عندك، ويحاول لحاق غايتي في مدحك: أن البرق إذا أراد اللحاق بي فإنه يكبو خلفي، فكيف يدركني؟! ويحاول إدراك محلي. وقيل: هذا أمر للممدوح ويقتضي أن يكون دون الأمر، وذلك قبيح، ولكنه لما قال: حاسدي عليك أخرجه عن حد القبيح بأن بين: أن الحسد كان لاختصاصه. وهل تغني الرّسائل في عدوّ ... إذا ما لم يكنّ ظبي رقاقا رجع عن قول: حاسدي وقال: الرسالة لا تشفيني منهم، إلا أن يكون بدلها السيف، فأقتلهم وأستريح منهم، والكناية في قوله: إذا ما لم يكن للرسائل. إذا ما النّاس جرّبهم لبيبٌ ... فإنّي قد أكلتهم وذاقا تقديره: إذا ما الناس جربهم لبيب وذاق، فإني قد أكلتهم. يقول: إني أعرف بأحوال الناس من كل عاقل، فأنا بمنزلة الآكل وغيري كالذائق. فلم أر ودّهم إلاّ خداعًا ... ولم أر دينهم إلا نفاقا يقول: جربت الناس فوجدت باطنهم بخلاف ظاهرهم في الصداقة، ووجدتهم منافقين في دينهم! قال علي بن عيسى الربعي: إن أبا الطيب كان يردد مع نفسه هذين البيتين كل يوم أكثر من خمسين مرة. يقصّر عن يمينك كلّ بحرٍ ... وعمّا لم تلقه ما ألاقا ألاق يليق إلاقة، ولاق يليق: إذا أمسك وحبس. يقول: كل بحر يقصر عن جود يمينك، وما أمسكه البحر من جواهره، ومن بابه الذي هو فيه، يقصر عما لم تمسكه من العطاء، فيكون ما من عطائك أكثر من جواهر البحر ومائه. ولولا قدرة الخلاّق قلنا ... أعمدًا كان خلقك أم وفاقا؟ يقول: لولا علمنا بقدرة الله ﷿، على ما يعجز عنه كل قادر، ويخرج عن العادة، لشككنا في خلقك! أوقع عن قصد واتفاق من غير مانع!؟ فلا حطّت لك الهيجاء سرجًا ... ولا ذاقت لك الدّنيا فراقا يقول: لا زالت خيالك مسرجةً أبدًا في الحرب، ولا ذاقت الدنيا مرارة فراقك. وقال يمدحه ويرثي ابن عمه أبا وائل تغلب بن داود، في جمادي الأولى سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة: ما سدكت علةٌ بمورود ... أكرم من تغلب بن داود ما سدكت: أي ما علقت. يقال: سدك به، لصق به، إذا لازمه ولم يفارقه. والمورود: المحموم الذي تتردد عليه الحمى كل يوم. يقول: ما دامت علة على مريض، أكرم من تغلب بن داود. يعني أنه أكرم من كل مريض طال عليه مرضه. يأنف من ميتة الفراش وقد ... حلّ به أصدق المواعيد الميتة: الهيئة. الجلسة. يقول: كان يأنف من أن يموت على فراشه؛ بشجاعته في حال قد نزل به - وهو - الموت الذي هو أصدق المواعيد. ومثله أنكر الممات على ... غير سروج السّوابح القود السابح: الفرس السهل، الذي يمد ذراعيه في عدوه، كأنه يسبح. والقود: جمع أقود، وهو الطويل العنق. يقول: من كان مثله في الشجاعة أنكر هذه الموتة، يعني أنه لا يرضى الموت إلا على سروج الخيل السوابح الطوال الأعناق. بعد عثار القنا بلبّته ... وضربه أرؤس الصّناديد العثار: السقوط على الوجه، وأراد ها هنا سقوط الرماح عليه. واللبة: النحر. والصناديد: السادات، وقيل: الشجعان. يقول: إن مثله في شجاعته ينكر موته على فراشه، بعد مباشرته الحروب، وكثرة وقع الرماح بصدره، وضرب رءوس كثير من الشجعان الكرام.

1 / 241