164

मुअजिज़ अहमद

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

शैलियों

अलंकार
يصف في هذه الأبيات أنه كان يواصل سيره بسراه، في المطر والغيم والبرق، حتى وصل إلى الممدوح، ثم شبه كثرة الغيث، بجود عامر. فيقول: من كثرة الغيث ظننت أنه رفع إلى السماء، أو قبره في السحاب، فهو يجود به فينهمل هذا المطر من جوده. وهو من قول أبي تمام: كأن السحاب الغر غيبن تحته ... حبيبًا فلا يرقا لهن مدامع أو ابن ابنه الباقي علي بن أحمدٍ ... يجود به لو لم أجز ويدي صفر الأولى في ابن ابنه: النصب؛ عطفًا على عامر. ويجوز رفعه على الابتداء. يقول: لولا أني مررت بهذا الغيث، ويدي خالية منه، لظننت أنه من جهة الممدوح. وإن سحابًا جوده مثل جوده ... سحابٌ على كل السحاب له فخر يقول: كل سحابٍ يكون مطره في الغزارة مثل جود الممدوح، فله على كل السحائب فخر. كما للممدوح على جميع الأسخياء من الناس، الفخر التام. فتىً لا يضم القلب همات قلبه ... ولو ضمها قلبٌ لما ضمها صدر الهاء في قلبه: للممدوح. وفي ضمها: للقلب. وفي ضمها الثانية: للهمات. يقول: إن همته عظيمة لا يسعها قلب أحد، ولو ضمه همة قلب أحد، لكان شيء من الصدور لا يضم ذلك القلب؛ لأن ذلك القلب لعظمه لا يسعه صدر، بل ينشق. وقيل: أراد أن همته لا يسعها قلبه؛ للطافته. وإن كان منه منشؤها. ولا ينفع الإمكان لولا سخاؤه ... وهل نافعٌ لولا الأكف القنا السمر الإمكان: الغنى. يقول: لا ينفعك ماله، الذي يمكنه أن يصلك به، لولا سماحته التي توصله إليك. وقيل: أراد لولا سخاء نفسه وجوده، لكان لا ينفعك كثرة ماله، كما أن القناة لا تنفع للطعن، لولا الأكف. قرانٌ تلاقي الصلت فيه وعامرٌ ... كما يتلاقى الهندواني والنصر الصلت: جد الممدوح لأمه وعامر: جده لأبيه. وفيه حذف: أي أتى به قران. يقول: لما اقترن في نسبه هذا، الشريفان. اللذان كل منهما سيدًا شريفًا. فكان في ذلك كالمشتري وزحل. إذا اقترنا؛ فإنه يدل على ملكٍ عظيم. ثم شبه اقترانهما باجتماع السيف والنصر. فجاءا به صلت الجبين معظمًا ... ترى الناس قلًا حوله وهم كثر صلت الجبين: أي واضحة. يقول: إن جديه أتيا به وولداه، وهو صلت الجبين، شريف كبير، ويرى الناس حوله قليلين في المعنى، وإن كانوا كثيرين في العدد. مفدى بآباء الرجال سميدعًا ... هو الكرم المد الذي ماله جزر السميدع: السيد. والمد: الزيادة. والجزر: النقصان. يقول: إن الناس يفدونه بآبائهم؛ لجلالته وكثرة نفعه لهم، وهذا هو الكرم الذي يزيد ولا ينقص، فهو مدٌّ بلا جز. بخلاف الأنهار، فإنه لا مد لها ولا جزر، وأما كرمه فمد بلا جزر. وما زلت حتى قادني الشوق نحوه ... يسايرني في كل ركبٍ له ذكر يقول: ما زلت يسايرني ذكره، حتى قادني الشوق نحوه. أي ما زلت أسمع بخبره وكرمه، حتى اشتقت إلى لقائه فقصدته. وأستكبر الأخبار قبل لقائه ... فلما التقينا صغر الخبر الخبر الخبر: الإخبار بالشيء. والخبر: الاختبار. يقول: كنت أستعظم ما أسمعه من ذكره، فلما رأيته، زاد الاختبار على الخبر. إليك طعنًا في مدى كل صفصفٍ ... بكل وآةٍ كل ما لقيت نحر المدى: الغاية في البعد. والصفصف: الأرض الملساء الواسعة. والوآة: الناقة الصلبة. وأراد بقوله: طعنا: أي قطعنا. وكل ما لقيت: مبتدأ، وأراد: كل ما لقيته. ونحر: خبره. يقول: قطعنا إليك بعد كل أرض ملساء، بكل ناقة صلبة، فكل موضع لقيته هذه الناقة، هو نحرٌ يلاقيه الطعن، وقيل: أراد به مصدر نحرت: أي الناقة لمشقة السير، كأنها لقيت نحرها. إذا ورمت من لسعةٍ مرحت لها ... كأن نوالًا صر في جلدها النبر النبر: دويبة تلسع الإبل فيرم موضع لسعته. يقول: إذا لسعها النبر ورم جلدها، فرقصت واضطربت لشدة لسعته، فكأن النبر صر في جلدها نوالا: أي عطية، فهي ترقص فرحًا؛ لأجله. فشبه ورم اللسعة بصرة. فجئناك دون الشمس والبدر في النوى ... ودونك في أحوالك الشمس والبدر يقول: أنت دون الشم والبدر في البعد، وهما دونك في أفعالك؛ لشرفك وعلوك، وأنت أنفع في المخاوف منهما. كأنك برد الماء لا عيش دونه ... ولو كنت برد الماء لم يكن العشر العشر: أبعد أظماء الإبل.

1 / 164