मुअजिज़ अहमद
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
शैलियों
अलंकार
أقبلتها: أي صرفت وجوه الخيل إليها. ثم شبه غرر الجياد وما في جبهاتها من البياض، ببياض أيدي بني عمران: أي نعمهم. وهذا مما جرت عادته به في تمكين التشبيه؛ لأنه جعل حقيقة البياض أولًا للنعم، ثم شبه غرر الجياد بذلك البياض. والأيدي: استعمل ها هنا بمعنى النعم.
الثابتين فروسةً كجلودها ... في ظهرها والطعن في لباتها
الثابتين: في موضع جر، صفة لبني عمران.
يقول: هم أثبت في ظهور الخيل، من جلودها على ظهورها في أصعب الحالات. وهي تواتر الطعن في صدور الخيل. والواو في قوله: والطعن واو الحال.
العارفين بها كما عرفتهم ... والراكبين جدودهم أماتها
الأمات: جمع الأم. يقال: إن الهاء في الأمهات زائدة. وقيل: أمهات في الآدميين خاصة، والأمات مشتركة.
يقول: يعرفون الخيل وهي تعرفهم؛ لأنها نتجت عندهم، وتناسلت في بيوتهم، وأجدادهم كانوا يركبون أمهات هذه الخيل.
وقيل: أراد أنهم عارفون بالخيل لكثرة فراستهم لها، وكذلك آباؤهم وأجدادهم كانوا من الفرسان العارفين بالخيل والفروسية.
فكأنها نتجت قيامًا تحتهم ... وكأنهم ولدوا على صهواتها
صهوة الفرس: مقعد الفارس منه.
يقول: كأن الخيل ولدت وهي تحتهم، وكأنهم ولدوا على ظهور الخيل؛ لاعتيادهم ركوب الخيل مذ كانوا أطفالًان وكانت خيلهم مهارًا.
وقيل: أراد كأنها خلقت لهم، وكأنهم خلقوا لها. وقيل: كأنه أعضاء لهم، وكأنهم أعضاء لها. وقيل: كأنهم خلقوا معًا.
إن الكرام بلا كرامٍ منهم ... مثل القلوب بلا سويداواتها
سويداء القلب وسوداؤه: الدم الذي في وسطه. وقيل: هو حبة فيه، مثل العنبة السوداء.
يقول: هم في الكرام كالسويداء في القلب، التي بها قوام القلب، فمتى ذهبت، بطل القلب، فكذلك الكرام، إذا خلوا منهم، بطل كرمهم واستووا مع غيرهم.
تلك النفوس الغالبات على العلا ... فالمجد يغلبها على شهواتها
المعنى: أنهم يغلبون الناس على المعالي، فيجوزونها دونهم، والمجد يغلبهم على شهواتهم، فيحول بينهم وبينها فلا يأتون ما يلحقهم فيه عار وشين؛ ويصرفون شهواتهم إلى اكتساب المجد والرفعة والعلا
سقيت منابتها التي سقت الورى ... بيدي أبى أيوب خير نباتها
يدعو لأبي الممدوح وأجداده بالسقيا. والياء في قوله: بيدي أبي أيوب، متعلقة بقوله: سقت.
فيقول: سقى الله منابت هذه النفوس. وهي آباؤها، بيد أبي أيوب: الذي هو الممدوح، وهو خير نبات تلك المنابت؛ لأن جوده أكثر من وبل السحاب. وخير نباتها: صفة لأبي أيوب. وجعله خير ما نبت على تلك الأصول. يعني: أنه خير قومه. قيل: الباء متعلقة بقوله: سقت الورى، وهو غير داخل في الدعاء، فكأنه يقول: إن منابتها سقت الورى بيديه.
ليس التعجب من مواهب ماله ... بل من سلامتها إلى أوقاتها
الهاء في سلامتها وأوقاتها: للمواهب.
المعنى: ليس التعجب من كثرة هباته، وإنما العجب من سلامة ماله إلى وقت الهبة؛ إذ ليس من عادته حبس المال.
عجبًا له حفظ العنان بأنملٍ ... ما حفظها الأشياء من عاداتها
عجبًا: نصب على المصدر. وما حفظها الأشياء: في موضع الجر، لأنه صفة لأنمل. والأشياء: نصب بحفظها.
يقول: عجبت من كيفية حفظه للعنان! إذ ليس من عادته أن يحفظ شيئًا ويمسكه. ومثله لأبي تمام:
تعود بسط الكف حتى لوانه ... دعاها لقبضٍ لم تجبه أنامله
لو مر يركض في سطور كتابه ... أحصى بحافر مهره ميماتها
روى: كتابه وكتابةٍ على الاسم، والمصدر.
يقول: لو ركض مهره في سطور كتاب له، لأمكنه أن يضع حافره على كل ميم في سطوره، ويعدها به، لفروسيته وحذقه. وخص الميمات؛ لأنها مدورة تشبه الحافر. وقيل: لأنها أصغر أشكال المعجم. وخص المهر؛ لأنه إذا قدر على أن يحصي ذلك بحافر المهر مع صعوبتها كان ذلك أمكن، وقد بالغ في قوله: لو مر يركض؛ لأنه إذا فعل ذلك وهو يركض كان في حال الترفق وعدم الركض أمكن عليه.
يضع السنان بحيث شاء مجاولًا ... حتى من الآذان في أخراتها
مجاولًا: أي في حال الجولان مع الأقران. والأخرات: جمع الخرت، وأراد هاهنا ثقب الأذن.
1 / 160