मुआविया बिन अबू सुफ़यान

अब्बास महमूद अल-अक्काद d. 1383 AH
76

मुआविया बिन अबू सुफ़यान

معاوية بن أبي سفيان

शैलियों

وليس من أخبار بني أمية في الجاهلية وصدر الإسلام خبر واحد ينفي عنهم هذه الخليقة الغالبة عليهم جميعا من الأثرة، والكلف بالمناعم الدنيوية، وتقديمها على غيرها من مناقب الإيثار والمثل العليا.

وبهذه الخليقة يفسر كل عمل من أعمال معاوية على انفراده بينهم بصفات من الحزم لم يشتهروا جميعا بمثلها، وهو مع حزمه «الدنيوي» هذا لم يصطدم بالخليقة الأموية إلا وهن منه الحزم في هذا المصطدم، فكان من الحزم ألا يتوسع في أبهة الملك أو أبهة «الهرقلية والكسروية»، كما كان المسلمون يسمونها في صدر الإسلام، ولكنه لم يكد يملك حتى صنع ما يصنع القياصرة والأكاسرة من اقتناء الخصيان والجواري، والتوسع في بذخ القصور والقدور، وكان من الحزم أن يروض يزيد على كبح الشهوات، فلم يكد يسمع أنه اشتهى امرأة في عصمة رجل حتى احتال حيلته لإمتاعه بما اشتهى، وإن النهازين من مؤرخي العصر القديم ليفسرون صلاته الجامعة في المقاصير

17

بخوفه من الغيلة بعد مؤامرة الثلاثة التي قتل فيها علي رضوان الله عليه، ولئن صح هذا لما نفي عنه تلك الخليقة الأموية التي تلوذ بالحيطة، حيث لا يلوذ بها المبرأون منها، فقد قتل عمر وعلي ولم يلجأ الحسن أو الحسين إلى المقاصير أو إلى الحرس الميسر لهما وهو غير قليل، وقد كانت أبهة المواكب من دأب معاوية، إذ كان - بعد - على ولاية الشام من قبل الفاروق، فلما رآه الفاروق في موكبه أعرض عنه، ثم عنفه وسأله عن اتخاذ المواكب مع احتجابه عن ذوي الحاجات، فاعتذر له بموقعه من بلاد العدو، ودأب على اتخاذ المواكب، وتسيير الجند بين يديه قبل أن يخشى غيلة من مغتال.

عند هذه الخليقة الأموية تفسير الكثير مما جهله المؤرخون الأقدمون أو تجاهلوه، ولا سيما المؤرخين النهازين من المنتفعين أو المتطوعين.

موقف معاوية من قضية عثمان

كل خبر من أخبار العصر لازم مطلوب لفهم تاريخه وأعمال رجاله، ولكن الأخبار المقدمة على غيرها في حوادث العالم الإسلامي التي أفضت إلى قيام الخلافة الأموية، إنما هي الأخبار التي لها مساس بموقف معاوية من عثمان قبل مقتله وبعد مقتله، والمبايعة لعلي بالخلافة في الحجاز.

فبغير هذه الأخبار التي تكشف عن موقف معاوية لا يستطيع المؤرخ أن يتثبت من حقيقة البواعث التي كمنت وراء الحوادث والحروب والخصومات، ولا يستطيع أن يعرف ما هو صحيح منها، وما هو مصطنع من تدبير السواس والدعاة.

فما هي حقيقة المسائل التي أثارت معاوية على علي، وجنحت به إلى سلوك المسلك الذي اختاره هو ومعاونوه؟ ماذا منها قد حدث فعلا، وماذا منها لم يحدث، وقيل: إنه حدث للانتفاع به في الدعاء ورد الادعاء ... وفي الاتهام ورد الاتهام؟ أو ماذا منها قد حدث فعلا وحرفه الدعاة إلى غير وجهته وأولوه بغير معناه؟ وماذا من تلك الحوادث جميعا كان خليقا أن يتغير لو تغير الموقف، وتغيرت النيات والمساعي؟

كل أولئك مرهون بالنفاذ إلى حقيقة موقف معاوية من عثمان قبل مقتله، وبعد مقتله، ومبايعة علي بالحجاز.

अज्ञात पृष्ठ