قَالَ: «أَصَابَ إِنَّهُ فَقِيهٌ».
ثالثها: عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ ﵁ قَالَ: «إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلَاةً لَقَدْ صَحِبْنَا النَّبِيَّ ﵌ فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ».
وأما أن الإمام البخاري عبّر في ترجمة معاوية ﵁ بقوله: «بَاب ذِكْرِ مُعَاوِيَةَ ﵁»، ولم يقل فضيلة ولا منقبة، فإن الإمام البخاري كذلك عبّر في ترجمة عبد الله بن عباس ﵁ بقوله: «بَاب ذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄»، ولم يقل فضيلة ولا منقبة. علمًا أنه أخرج فيه قول رسول الله ﵌: «اللهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ».
وهذا لا يختلف عاقل أنه فضيلة عظيمة لابن عباس ﵁. فهل يفهم أحد من ذلك أن عبد الله بن عباس ومعاوية بن أبي سفيان ﵃ ليس لهما فضائل؟!
قال الحافظ ابن حجر في شرحه: «عَبَّرَ الْبُخَارِيّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَة بِقَوْلِهِ: «ذِكْر» وَلَمْ يَقُلْ فَضِيلَة وَلَا مَنْقَبَة لِكَوْنِ الْفَضِيلَة لَا تُؤْخَذ مِنْ حَدِيث الْبَاب، لِأَنَّ ظَاهِر شَهَادَة اِبْن عَبَّاس لَهُ بِالْفِقْهِ وَالصُّحْبَة دَالَّة عَلَى الْفَضْل الْكَثِير، وَقَدْ صَنَّفَ اِبْن أَبِي عَاصِم جُزْءًا فِي مَنَاقِبه، وَكَذَلِكَ أَبُو عُمَر غُلَام ثَعْلَب، وَأَبُو بَكْر النَّقَّاش ....
ثم قال الحافظ ابن حجر إن البخاري بِدَقِيقِ نَظَره اِسْتَنْبَطَ مَا يَدْفَع بِهِ رُءُوس الرَّوَافِض» (١).
وقد كان البخاري ﵀ يترضى عن معاوية كلما ذكر اسمه، ثم إنه قد ثبت عند البخاري صحبة معاوية ﵁ للرسول ﵌، وثبت فقهه أيضًا كما نص عليه ابن عباس، وقد تقدم الحديث ... وكفى بهذا الثناء من حبر الأمة من فضيلة ومنقبة.
كما أخرج البخاري ﵀ الحديث الذي دعا فيه النبي ﵌ لمعاوية بأن يجعله هاديًا مهديًا ويهدي به في كتابه (التاريخ الكبير).