मुअस्सिस मिस्र हदीथा
الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة
शैलियों
وليس من شك في أن المرونة كانت إحدى مزايا النظام الجديد، وقد كان من حق صاحب الشكوى أن يتقدم بشكواه على حد سواء إما إلى المفتي أو إلى الموظف الإداري الرئيسي، فإن اختار الطريق الأول فإن الحكم لا ينفذ إلا بعد عرضه على الهيئة التنفيذية ولها أن تقره أو ترفضه، وأما إن اختار الطريق الثاني فمن حق الموظف الإداري - إن كانت القضية من القضايا البسيطة العادية - أن ينظرها ويصدر حكمه فيها، أما إذا كانت القضية من قضايا الحسابات المعقدة أو خاصة بالشئون التجارية أحالتها إلى المحاكم الجديدة، فأنت ترى أن نظام العدالة كان يتضمن عنصرا جديدا له أهميته الكبرى، هذا العنصر هو أن الخصم غير المسلم اتسع أمامه باب الرجاء عن ذي قبل في أن تسمع شكايته بنزاهة ويفصل فيها بما يطابق العدالة. ولعله مما يستحق الذكر هنا أن شهادة غير المسلم كانت بمقتضى النظام القديم الذي حل محله النظام الجديد لا تسمع ولا تقبلها المحكمة ضد شهادة أحد من المؤمنين الصادقين.
21
ولقد أجمل أحد القناصل نتائج حكم محمد علي في تلك البلاد، فقال إنها تضمنت بين ما تضمنته تأمين الناس من الأعمال العرفية، ويستثنى من هذا القرعة العسكرية وحماية أملاكهم ووجود نوع جديد من الحرية الدينية وحرية الحياة والمسليات والملاهي وتوزيع الضرائب توزيعا عادلا، وبالجملة كانت الحالة في سوريا أقرب إلى الحرية بقدر ما كان يمكن التمتع به في مثل أي حكومة حرة، وفي رأي القنصل المشار إليه أن الإدارة قد تحسنت من عدة وجوه إلى أبعد من المدى الذي كان ينتظره الإنسان، على أن القنصل أضاف إلى ملاحظته السابقة قوله: «إن الناس لا يقدرون انتظام الإدارة وتحسنها، بل تراهم بسبب شعورهم وعواطفهم السابقة أو عاداتهم أو أفكارهم القديمة على استعداد دائما لأن يحولوا تلك الإدارة وتسخيرها في خدمة مصالحهم الخاصة.»
22 «ولاحظ قنصل آخر» أن الرأسماليين الوطنيين لا يحجمون الآن عن توظيف أموالهم في المغامرات التجارية، مع أنهم في الماضي ما كانوا يجرءون على الدخول في مضمارها.
ولقد نشطت حركة التجارة وانتشرت التجارة انتشارا هائلا. نعم؛ إن ضريبة الأراضي قد بلغت الثلاثة أضعاف في بعض الجهات ولكن هذا التغيير كان منشؤه زيادة المنافسة على ما قبل؛ ففي الجهات القريبة من حلب ارتفعت الضريبة؛ لأن الأراضي لم تعد تزرع على أساس المحسوبية وقوة النفوذ كما كانت الحال من قبل، وهذا على الرغم من أن الأراضي التي هجرها أصحابها بسبب غارات البدو قد تقرر زرعها من جديد،
23
وبذلت المساعي لحمل البدو الرحل على إنشاء صلات تجارة ثابتة مع بقية السكان المستوطنين وزحزحة خط الحدود الذي يفصل الصحراء ومنطقة العمران شرقا وإقناع البدو أنفسهم من الاهتمام بالزراعة، وقد كتب «وبري» بهذه المناسبة، فقال: «إذا استمر العمل بهذا النظام؛ فإنه كفيل بأن يؤدي إلى أجزل الفوائد، وبذا يتم ربط الشعبين السوري والعربي في غاية سلمية واحدة.»
ولقد أمكن حمل رعاة البدو أن يقضوا جانبا من العام في الزراعة في سهل أطنة الغني المترامي الأطراف، وهو السهل الذي يقطنه مثلا خليط من الأناضوليين والتركمان والأكراد، والذي كانت الفوضى منتشرة في أنحائه من قبل،
24
ويستحيل على المرء أن يذكر بالضبط إلى أي مدى تمكن المقارنة بين ما جمع في عهد إبراهيم من الضرائب وبين ما جمع منها في العصور التي سبقته.
अज्ञात पृष्ठ