منهج الاعتدال

Adnan Al-Arur d. Unknown
26

منهج الاعتدال

منهج الاعتدال

प्रकाशक

دار التابعين بالرياض

प्रकाशक स्थान

٢٠٠٢

शैलियों

قلت: وفي الآيات والأحاديث التي تبشر بأن المستقبل للإسلام، حافز قوي للمؤمنين، حتى يتحملوا المسئولية المناطة بهم، وأن يؤدوا الأمانة المعلقة بأعناقهم، حتى يتم أمر الله بالأسباب الكونية المادية المسنونة، والأحكام والأعمال الشرعية المعقودة بحسن النية، لا بالأماني المجردة عن الأعمال، والتباكي على الأمجاد، وتقاذف اللوم والاتهامات. ووالله! ثم والله! الذي أرسل رسوله ﷺ، وأبقى دينه إلى هذا الزمان! ليبقين دينه إلى آخر الزمان، وليأتين زمان يكون الإسلام فيه هو الظاهر على كل مكان في هذه المعمورة، لا يغادر بدوًا ولا مصرًا، ولا يترك حضرًا ولا قصرًا، إلا والناس -يومئذ- يوحدون ربهم، ويذوقون حلاوة إيمانهم، وينعمون بظل إسلامهم ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ٦٧]. فحذار ثم حذار من اليأس الذي يوسوس به الشيطان، إذا ما خسر المسلمون معركة، أو وقعت بهم مصيبة، أو تسلط عليهم عدو، إنما يريد الشيطان بذلك إلقاء اليأس في قلوب المسلمين، كي لا يعملوا بهذا الدين، ولهذا الدين، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: (٨٧)]. ولقد خسر الصحابة معارك، ووقعت فيهم أوابد، واجتمعت الأحزاب عليهم، وما زادهم ذلك إلا ثباتًا ويقينًا وعملًا، ومن الله تعالى قربًا، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران آية: ١٧٣]. فقد خسروا في أُحد، وهزموا أول الأمر في حُنين، وقتل منهم سبعون عالمًا وقارئًا في ساعة واحدة، في حادثة بئر معونة، وهي نسبة عالية في عددهم يومئذ، وغير ذلك مما وقع فيهم، ومع هذا كله، لم يفتّ ذلك من عضدهم، ولم يزعزع بالله ثقتهم، وكان شعارهم ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ﴾ [الأنفال: ٥٩]. وفي قراءة ﴿ولا تحسبن﴾ أي: لا تظن أن الكفار بانتصارهم في معركة، أو معركتين، غلبوا قدرة الله تعالى، فأفلتوا من قوته، كلا والله! فالله غالب على أمره، ولكنها حكمة الله البالغة، ودروسه المربّية، وابتلاءاته

1 / 27