من روائع القرآن
من روائع القرآن
प्रकाशक
موسسة الرسالة
प्रकाशक स्थान
بيروت
शैलियों
ويتضح لك من هذا الذي ذكرناه أن القرآن وعاه الصدر الأول من الصحابة وبلغوه إلى من بعدهم بطريقتين:
إحداهما: الكتابة التي كانت تتم بأمر الرسول ﵊ لأشخاص بأعيانهم وكل إليهم هذا الأمر.
الثانية: حفظه في الصدور عن طريق التلقّي من كبار قرّاء الصحابة وحفّاظهم الذين تلقّوه عن رسول الله ﷺ؛ وأقرّهم على كيفية النطق والأداء.
كما يتضح لك أن القرآن رغم ذلك لم يجمع في مصحف على عهده ﷺ؛ والسبب هو ضيق الوقت بين آخر آية نزلت منه وبين وفاته ﵊؛ فقد علمت مما ذكرناه أن الفترة بينهما لم تزد على تسع ليال في أكثر الروايات وأقربها إلى الاعتماد.
ثانيا- ما جدّ من ذلك في عهد أبي بكر:
قلنا إن القرآن كتب كله في عهد الرسول ﷺ، ولكن متفرقا دون أن يجمع في مصحف واحد بين دفتين كما هو اليوم.
فلما توفي النبي ﷺ وتولى الخلافة من بعده أبو بكر ﵁، ووقعت معركة اليمامة التي قتل فيها كما قلنا عدد كبير من حفظة القرآن أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر ﵄ بجمع القرآن وحفظه بين دفتين مخافة أن يموت أشياخ القرّاء كأبيّ وابن مسعود فيختلف الناس في قراءته إذ لا يكون عندهم إمام يجمعون عليه.
ولننقل لك نص ما رواه البخاري في ذلك. روى البخاري عن زيد بن ثابت ﵁ قال: أرسل إليّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة (أي عند ما قتل أهل اليمامة) فإذا عمر بن الخطاب عنده قال أبو بكر ﵁، إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقرّاء القرآن وإني أخشى أن يستحرّ القتل بالقرّاء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله ﷺ، قال عمر: هذا
1 / 45