الطاقة الهيدرولوجية مرتبطة بالسد العالي وسد أسوان وكذا قناطر إسنا (الآن أم فيما بعد؟) ومستقبلا ما بعدها شمالا في قناطر نجع حمادي وأسيوط. والحقيقة أن الواجب تعويض النقص في إنتاج واستهلاك الطاقة في كل محافظات الصعيد، البالغة 12٪ فقط من مجموع الطاقة مقابل 18٪ لكل من القاهرة وغرب الدلتا، و23٪ لشرق الدلتا وقناة السويس.
الطاقة الشمسية شاسعة الانتشار على مسطح مصر بأجمعه، ومثلها طاقة الرياح وإن كانت تبرز في نطاقات متعددة في الصحاري والسواحل المصرية، مثل حقل منطقة زعفرانه.
كذلك لدينا مؤشرات للطاقة الحرارية من باطن الأرض - جيوثرمال - متمثلة في الينابيع الحارة الطبيعية، ونعرف منها على وجه التأكيد العيون الحارة في الواحة الداخلة، وحمام فرعون على شاطئ سيناء الغربي. وربما يؤدي المزيد من البحث الموجه إلى اكتشافات أخرى لهذه المصادر الحرارية من باطن الأرض. وأخيرا فإننا لم نجرب بعد - أو ربما كانت هناك تجارب محدودة لاستخدامات المد البحري والأمواج لإنتاج طاقة محلية. والغالب أن استخدام طاقة المد تحتاج إلى وجود خلجان طويلة ضيقة، وليس في ذهني الآن سوى خليج جمسة - أو جمشة - جنوب رأس غارب عند نهاية خليج السويس، وكذلك بعض الخلجان الضيقة في جزر هذه المنطقة، وبالأخص جزيرة تيران عند مدخل خليج العقبة.
وأخيرا فمن الطاقات المتجددة ما نهدره في مصر بحرق قش النباتات بعد الحصاد، وهو ما اتهم كثيرا بأنه مسبب للسحابة المغبرة تضيق بها أنفاس ملايين القاهريين. وقد سبق ذكر كيف يمكن الحصول على «البيوجاز»، أو طاقة الغازات الكامنة في بقايا النبات، وأعتقد أن وزارة البيئة وربما الزراعة أيضا قد أنشأت بعض محطات للتخلص الصحي بدلا من الحرق المكشوف . وأرجو أن يكون وراء هذا الإجراء تعميم أوسع لإنتاج جانب من الطاقة الرخيصة في أماكن متعددة محليا وسط الريف. وفي هذا المجال لا أستطيع الدعوة إلى إنتاج زيوت الوقود، مثل «الإثانول» من قصب السكر، فاستهلاك مصر أكبر من إنتاج السكر المحلي - لماذا وما هو دور بنجر السكر؟ (4-6) حرق قش النباتات
ربما يحتاج هذا الموضوع إلى وقفة تدبر. لم نكن نعرف ممارسة حرق المخلفات النباتية من قبل. لماذا؟ الواقع أن الريف، وبخاصة ريف الدلتا، قد دخل منذ عقدين أو ثلاث في مرحلة تغيير ثقافي حضاري، شأنه في ذلك شأن كل المجتمعات لأسباب كثيرة معروفة. ففي الماضي غير البعيد كانت سطوح البيوت الريفية تستخدم لخزن الحطب و«الجلة» - كعكات روث الماشية المجففة بالشمس - وكذلك الأواني الفخارية المصنوعة من الطين المجفف لخزن الحبوب، هذه المواد كانت تستخدم وقودا للفرن الفلاحي لطهي الطعام وخبز العيش. وكان معظم الفلاحين من متوسطي الملاك وإلى ما فوقهم لديهم «خان» للبقر والجاموس، أو داخل حوش بيوت فقراء الملاك إذا كان العدد بقرة أو جاموسة واحدة، وكانت تلك الحيوانات ترعى بقايا النبات بعد الحصاد. وباختصار كان هناك نوع من الاقتصاد المنزلي يستوعب معظم القش. كلنا نعرف أن الأمور تغيرت وخاصة بعد: (1)
دخول المياه والكهرباء. (2)
دخول مدخرات العاملين في الدول النفطية المجاورة. (3)
التجاء الأجيال التالية - بما فيهم كثير من الإناث - إلى الوظائف ذات الدخل الثابت.
من ناحية ثالثة: حدث انهيار للاقتصاديات المنزلية مع هذا التغيير المجتمعي، ولم يعد الفرن والحطب والجلة من الركائز البيتية مقابل الثلاجات والسخانات وأفران البوتاجاز، وأصبح سهلا الحصول على الخبز والغذاء من السوق متعدد السلع في داخل القرى والبلدات المجاورة. وعلى الأغلب انحسرت الحيوانات إلى مزارع متخصصة في تربية الحيوان. والنهاية معروفة: لم يعد الناس في حاجة إلى الحطب وقش النباتات. ومن المعروف أن ترك البقايا تتعطن يؤدي إلى تسرب غازات ضارة كالميثان والكربون. ومن ثم فإن حرق القش كان إجراء صحيا محليا، لكن دخانه وهبابه كان يغطي مساحات كبيرة حين تحملها الرياح الشمالية صوب القاهرة ، فيزيد من كابوس السحابة السوداء.
إذا نظرنا للموضوع على هذه الصورة الشمولية، فالواجب معالجته على ضوء أن القش وبقايا النباتات هو مصدر للطاقة، ومن ثم الدعوة إلى أن يستثمر القادرون أموالهم في إنشاء محطات هذه الطاقة، أو تكوين تعاونيات في هذا المجال؛ لأنه في النهاية عمل رابح وطاقة إضافية منتجة ونشاط بيئي وصحي يحتاجه ريف مصر للمزيد من التنمية بتحديث أشكال جديدة من الأعمال. (4-7) اختلاف منهج وفلسفة التطبيق
अज्ञात पृष्ठ