إن هناك «واضعي يد» على أرض غير داخلة في حصص الجمعيات، والغالب أنها - كما سلف - أراض واقعة على المصارف ونهايات الترع. وبالرغم من أن هؤلاء لا يعدون سكانا من حيث فقدانهم لشرط الحيازة الرسمي، إلا أنهم أكثر فئات السكان التزاما بالأرض؛ لأنهم حين هاجروا لم يخلفوا شيئا وراءهم في قراهم الأصلية، في حين أن بعض المستثمرين لديهم أملاك زراعية أو أعمال مكتبية في مواطنهم الأصلية، ومن ثم نفهم تنقلهم المستمر بين الموطن والمهجر.
والأغلب أن واضعي اليد يسوون أوضاعهم بعد فترة بمحاضر تسليم عند دفع عشر قيمة الأرض كمقدم ثمن والباقي يدفع على أقساط سنوية لمدة عشر سنوات. وتبلغ قيمة الفدان من هذا النوع مبلغا يتراوح كثيرا من 400 جنيه إلى ثلاثة أمثاله حسب مكان الأرض وعلاقتها بالمصارف والترع، وقد يعفى المشتري من قسط سنوي إذا قلت المياه سنة من السنوات كما حدث في آبار 2، 3، 4، 8 في أبو منقار. (4)
إن بعض المهاجرين من الداخلة قد يعودون موسما أو بعض السنة إلى الداخلة حيث إن تطهير الآبار الرومانية أو حفر آبار بسيطة (عمق 35-40 متر بتكلفة نحو أربعة آلاف جنيه)، تؤدي إلى نجاح زراعة ما بين 25 و30 فدانا في مناطق من الداخلة مثل البشندي، وهذه الحركة السكانية هي خاصية يتميز بها سكان أبو منقار حيث تقترب المسافة من الداخلة والصلة مع الأهل في الداخلة قائمة لم تنقطع.
هل معنى هذا أن سكان الفرافرة سيظلون على هذا العدد الزئبقي؟ أم أن هذه سمة السنون العشر الأولى من الاستصلاح؟ لقد بدأ التفكير في استصلاح أراضي الفرافرة عام 1981. وبدأ الاستصلاح عام 1986، وبدأ الإسكان 1990 بعد اكتمال أجزاء حيوية من البنية الأساسية. أي هل نرى بداية استقرار عددي في أول القرن القادم ويصبح للفرافرة حجم سكاني معروف على وجه الدقة؛ حينئذ يمكن البدء بتقديم الخدمات بناء على تخطيط شامل للإقليم بدلا من إقامة مدارس ووحدات صحية في أماكن قد تكون أقل أو أكثر من الاحتياج؟ (3-7) من هم سكان الفرافرة
أولا:
سكان الفرافرة الأول وهؤلاء يعيشون في المنطقة المركزية داخل مدينة القصر، وفي حطية الشيخ مرزوق على بعد نحو 35كم جنوب القصر. وينقسم السكان إلى عشائر وعائلات منهم القدادرة الذين يسند إليهم الأصول الأولى للسكان، ويقال: إنهم أتوا إلى الفرافرة في هجرة قديمة من الزاوية الحمرا في ليبيا. متى كان ذلك، وبأي أعداد، ولماذا انتجعوا هذه الواحة القصية؟ كلها أسئلة قد لا نجد إجابة عليها. وربما هي رموز لزمن هجرات قديمة من البربر الذين أسسوا سيوة المجتمع واللغة. وربما أيضا ترمز لزمن من العصور الوسطى حين استقدمت الدولة الفاطمية أعدادا كبيرة من قبائل شمال أفريقيا مثل لواته بعد فتح مصر، أو ترجع إلى رمز هجرة الهلالية الكبرى التي أربكت المجتمعات المستقرة في سيوة والجبل الأخضر، وأدت إلى انزواء القدادرة في منعة العزلة التي تهيئها الفرافرة بحجمها الصغير ومواردها المحدودة. وفي كل الحالات لا يجب أن ننسى أن صلة ما ظلت قائمة بواسطة الرعي إلى وادي حنس الذي يقود إلى البحرية وإلى المراعي المتناثرة التي يستخدمها الرعاة بين واحة القارة وجنوب القطارة والفيوم والنطرون والتي تعرف باسم «الحطايا» أو «الجباب».
كما كان هناك طريق تقليدي يمتد عبر الصحراء مباشرة بين الفرافرة وديروط، هو الطريق الذي كان يربط الواحة بالاقتصاد النقدي؛ إذ ينقل عليه البلح والمشمش والزيتون من الواحة إلى سوق ديروط. وبالمناسبة فإن ديروط الخيل ونحوها كانت حتى عهد محمد علي الكبير أحد أهم مراكز تجمع قبائل من أصول ليبية كالفرجان والجوازي، ويمتد نفوذهم على طول غرب البحر اليوسفي إلى أقربائهم العوائل الليبية كالبراعصة والفوايد والحرابي وغيرهم في المنيا والفيوم. وربما كان هؤلاء هم الذين يأتون بقوافلهم لتبادل السلع بالبلح والزيتون وفواكه الفرافرة. ومن العائلات الأخرى في الفرافرة قبيلة العيادية وهم الأكثر عددا بين العائلات القديمة الآن. ثم الرميحات والعكارتة والحنانوة.
وكانت فواصل السكن واضحة، فلكل عائلة حي داخل القصر يحدده حارات ذات بوابات للدفاع ضد غوائل البدو أثناء الصراعات التي قد تنشب بين العائلة والأخرى. وقد ساعدت ظروف الاستقرار الحالية على ترك جزئي للمباني القديمة داخل كتلة القصر، وأصبح البناء على الشوارع الرئيسية في كتلة المدينة أو في حي جديد جنوبها خطط للمدينة الجديدة. ومع إزالة الفوارق السكنية أصبح بالإمكان التزاوج بحرية أكثر بين أبناء العائلات المختلفة.
والقصر أصلا هو التجمع السكني التلي «أكروبوليس
Acropolis » الذي كان نمطا مختارا في كل الواحات. كان التجمع يبنى على تبة أو تل مراقيه ليست سهلة، ويزيد الارتفاع جيلا بعد الجيل نتيجة استمرارية السكن والبناء في نفس المكان. بيوت القصر متساندة ترتبط من أسفل بممرات ودهاليز وراء بوابات تغلق ليلا، كما تنعم بالاتصال من أعلى عبر الأسطح. الحارات ليست مستقيمة لمزيد من الدفاع، ولا بد أنه كان هناك نظام للإنذار يسمح للناس بالهرب من مزارعهم على أبعادها المختلفة من القصر والوصول إلى أمان القصر، لكننا لا نعرف عنه شيء الآن. ربما كانت مئذنة الجامع هي المكان الطبيعي للمراقبة، فهل كانت هناك طبول تقرع لتنبه الناس؟
अज्ञात पृष्ठ