هذه هي الصفحة الوحيدة المشرقة من كتاب الحركة العلمية والعقلية في العصر العثماني ببلاد الشام ومصر، أما بقية صفحات الكتاب فسود قاتمة لا ترى فيها أثرا للنور والعقل والهدى، فقد أصبحت جماهير المسلمين يقرءون القرآن وهم لا يفهمونه، وأضحى علماء البيان والنحو والحديث منهم لا يستطيعون كتابة سطرين اثنين بعبارة صحيحة بليغة، وصار خطباء الجمعة والعيدين يرددون خطبا مكتوبة في عصور سالفة، هذا كان حال المسلمين، أما النصارى فقد كانت حالهم أفضل بكثير؛ فإن مدارس الإرساليات التبشيرية في بلاد الشام كانت تعنى بتعليمهم اللغة العربية تعليما صحيحا، وتحرص على إحياء الأدب العربي، وكان لمطارنة الموارنة والأرثوذكس وأساقفتهم الفضل المشكور، ومن عظماء النصارى الذين كان لهم أثر حميد في المحافظة على اللغة العربية في هذا العصر البطريرك مكاريوس الحلبي الأرثوذكسي الذي خلف آثارا علمية قيمة، ومن أعظمها رحلته إلى القسطنطينية، ومنهم المطران جرمانوس فرحات الحلبي (1732م)، وقد كان عارفا بالعربية والسريانية واللاتينية والإيطالية والتاريخ والفلسفة، وقد اشتغل بالتأليف ، وله آثار قيمة وتلاميذ فحول. ومنهم الشماس عبد الله زاخر الكاثوليكي الحلبي (1748م)، وكان على جانب واسع من علم الأدب واللغة، وهو صاحب الفضل الأكبر في نشر الطباعة العربية بسورية لأنه مؤسس أول مطبعة في لبنان، وهي مطبعة الشوير.
هذه هي نظرة إلى ما كانت عليه البلاد الشامية، أما مصر فلم يكن حظها من العلم كذلك، ولم يسعدها إلا دخول نابليون مصحوبا بجيش من رجال العلم، وقد كون نابليون المعهد الفرنسي بالقاهرة، وجعل فيه لجنة علمية تنظم أعماله، وقد كان للمعهد فروع عشرة، وإليك بيانها: (1)
فرع التشريع والديانات والتقاليد. (2)
فرع الإدارة والسياسة. (3)
فرع الشرطة والأمن. (4)
فرع التاريخ ونظام الحكم. (5)
فرع العسكرية. (6)
فرع التجارة والصناعة. (7)
فرع الزراعة. (8)
فرع التاريخ الطبيعي. (9)
अज्ञात पृष्ठ