मिस्र मिन नासिर इला हरब
مصر من ناصر إلى حرب
शैलियों
ص118:
أصاب هيكل عندما قال إن السادات كان مختلفا تماما عن ناصر، وأنه لم يكن بإمكانه منافسته بأي مقياس من المقاييس. والدليل الساطع على ذلك أن السادات كان «مطلق اليدين» في علاقته بالغرب. ما العجيب إذن في أن يتولد لدى الجانب الروسي آنذاك الشك في علاقته به؟
ص118:
يخلط (هيكل) الأمور عندما يلقي بالضوء على الزيارة «السرية» التي قام بها السادات إلى موسكو في أوائل شهر مارس عام 1971م. من الواضح أن أحدا لم يوفر لهيكل أي معلومات موثوق بها. كان الوفد المصري يضم آنذاك، فضلا عن السادات، الفريق محمد فوزي وشعراوي جمعة، وكلاهما وجهت إليه بعد شهرين فقط تهمة «خيانة الدولة»، ناهيك عن أنهما لم يكونا، من الواضح، يشعران بالود تجاه هيكل، بل ويعتبرانه صديقا للأمريكيين وعدوا للنمو التقدمي لمصر. وهؤلاء لم يكن باستطاعتهما أن يقدما معلومات لهيكل، أما السادات فلم يكن بحاجة إلى إذاعة أية تفاصيل عن هذه الزيارة؛ فهو الذي أفشلها بنفسه؛ إذ اتسمت تصرفاته خلالها بالحمق وغياب الرصانة، الأمر الذي جعله يخفي الحقيقة عن أي شخص بطبيعة الحال.
لم يقدم هيكل في هذا الشأن سوى بقايا معلومات حصل عليها من «مائدة غيره».
إن الجانب الشكلي المهم في هذا الأمر، والذي قدمه هيكل، واستغله السادات بهدف إفشال المباحثات، يتمثل في الواقع فيما إذا كان باستطاعة السادات أن يتولى قيادة الطائرات السوفييتية الموجودة في مصر بأطقمها السوفييتية، والتي تعد جزءا من القوات الجوية السوفييتية!
هذا الأمر كانت له مقدماته ، عندما طلب ناصر في حينه (وليس علي صبري كما كتب هيكل) نشر طائرات قاذفة للصواريخ في مصر (عليها علامات مصرية بطبيعة الحال)، بينما تقودها 4 أطقم سوفييتية، مع الأخذ في الاعتبار أن الإسرائيليين كانوا على علم بوجود إمكانات لدى مصر بتوجيه ضربة في عمق إسرائيل إذا لزم الأمر؛ أي في حالة قيام الإسرائيليين أولا بتوجيه ضربة في العمق المصري. كان هذا هو، إذا جاز القول، «سلاح الردع». لم يتطرق الحديث مطلقا حول تسليم هذه الطائرات للمصريين ولا بقيام الطيارين السوفييت بالخدمة لدى المصريين. ومن الضروري أن السادات يعلم ذلك. كما أن الأطقم المصرية لم تكن مدربة على هذه الطائرات. باختصار، فإن الأمر كان واضحا دائما وضوح الشمس أمام الجميع، على أن السادات استغله عمدا بقصد إثارة الخلاف مع الزعماء السوفييت .
أسفرت المباحثات التي جرت في موسكو عن الموافقة على إعطاء السادات طائرات من طراز تو-16، وذلك بناء على الشروط التي تم الاتفاق عليها قبل ذلك مع ناصر بطبيعة الحال، وعلى الرغم من أنه قد تبين أن السادات لم تكن لديه أية تصورات واضحة عن تحركات مصر بشأن ما عرف باسم مسألة «الاستراتيجية المشتركة». كل ما هنالك أن السادات اكتفى بالتأكيد على «ضرورة حل» أزمة الشرق الأوسط وطلب أسلحة ثم المزيد من الأسلحة، وقد اتضح أنه لم تكن لديه أية خطط محددة، بما في ذلك الخطط العسكرية.
وعندما وصل الأمر إلى مسألة الطائرات تو-16، أظهر السادات «تعاليه»، وراح يعترض على أن تتلقى الأطقم السوفييتية لهذه الطائرات أوامرها من القيادة السوفييتية. بدأ في الغضب ثم ازداد غضبه (أو تظاهر بأنه فقد أعصابه)، وفي النهاية أعلن عن رفضه استلام هذه الطائرات، وهو ما أثار دهشة فوزي وجمعة.
إن كل الحوارات التي تتعلق بهذا اللقاء والتي أوردها هيكل بما فيها تلك التي وضعها بين أقواس، لم تحدث في الواقع.
अज्ञात पृष्ठ