मिस्र खादीवी इस्माइल
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
शैलियों
وكان عمره، عند ارتقائه السدة المصرية، اثنين وثلاثين عاما وسبعة عشر يوما: أو ما يقرب من ثلاث وثلاثين سنة قمرية.
فكان، والحالة هذه، في ريعان حياته وظهر أيامه: ناضج الفكر والتصور؛ يانع الجسم؛ ممتلئه؛ زاهر البنية؛ قويها؛ ربعة القامة؛ عريض الجبهة؛ كثيث اللحية والشارب والحاجبين؛ متلألئهما، كأنهما من ذهب الجنيهات؛ وكانت عيناه تتقدان حدة وذكاء مع قليل ميل نحو الحول، من أثر الرمد الصديدي الذي مني به في حداثته، وانجلى عن إبقاء إحدى عينيه أصغر قليلا من الأخرى.
وكان، إذا حادث إنسانا، كسر على عينه اليمنى، وشخص إلى محدثه باليسرى، شخوصا مزعجا، لشدة تألقها: كأنه يريد أن يجتلي أعماق أفكاره، بالنور الساطع المنبعث عنها.
وبلغه، مرة، أن أحد القناصل العامة، قال، بعد مثوله بين يديه ومحادثته وانصرافه: «إنه إنما ينظر بعين ويسمع بالأخرى»، فقال: «وإني لأفكر بالاثنتين معا».
2
وكان عظيم الهيبة؛ جليل المقام، ولا غرابة: فإنه ابن (إبراهيم) وحفيد (محمد علي)، والهيبة كانت ميزة كل حركاتهما وسكناتهما، والجلال كان يحف بهما كأنه ظلهما الظليل.
وكان حسن الفراسة؛ يدرك، حالا، ما انطوت عليه سريرة محادثة، ولكنه كان أيضا حسن الظن بالناس، لا سيما بالأجانب وأفراد الجاليات الغربية: فأدى ذلك إلى جملة أضرار أصابته وأصابت بلاده؛ لأن عدد المخلصين إليه الولاء في خدمتهم، من أولئك الأجانب، لم يتجاوز - على كثرتهم - عدد الأصابع.
وكان كبير النفس، عالي الهمة؛ يشعر شعورا عميقا بأن كونه ابن (إبراهيم باشا) الأمير الذي قاتل في قارات العالم القديم الثلاث، ليوطد دعائم ملك مصر، ويوسع نطاقه؛ ثم تمنى، حينما آلت إليه أزمة الأحكام، لو يمن الله عليه بعمر طويل، ليتمكن من السير بمصر، بخطوات واسعة، في مضمار المدنية الغربية والرقي العصري؛ وكونه حفيد (محمد علي)، الباشا العظيم، الذي أخرج مصر من بطن العدم إلى عالم الحياة؛ ومن حضيض الذل إلى عرش السيادة؛ وسدد خطاها في سبيل العمل وميدان الفخار، نيفا وأربعين عاما، يجعلانه محط آمال تاريخية عظيمة يتحتم عليه تحقيقها؛ ويوجبان عليه أعمالا صاعدة، لا مندوحة له من الإقدام عليها.
فوضع نصب عينيه، حالما انفتح عصر ملكه أمامه، الجري على خطة تجعل التاريخ يضعه في صف جده وأبيه، وينعته بنعتهما، فيقول: (إسماعيل العظيم) ابن (إبراهيم العظيم) ابن (محمد علي العظيم).
وصمم على تنفيذ تلك الخطة، وعدم الحياد عنها، مهما تكاثرت في سبيله العقبات ومهما اضطرته صروف الأيام إلى اللين، مؤقتا؛ والتظاهر بعكس ما يرمي إليه من الأغراض البعيدة.
अज्ञात पृष्ठ