218

मिस्र खादीवी इस्माइल

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

शैलियों

8

فقرئ هذا الفرمان بمصر باحتفال شائق، وهنأ رجال الدولة وأعيان الأمة (الأمير محمد توفيق) - وكان لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره - بمصير ولاية عهد الديار المصرية إليه، وكبرت منزلة (إسماعيل) في عيون الجميع، وشعر الكل بسكينة دخلت على نفوسهم، كأن الحاضر والمستقبل باتا آمنين.

9

وكان من الطبيعي أن يقرن (إسماعيل) بسعيه إلى تحويل مجاري الوراثة عن أخيه وعمه، سعيه إلى تجريدهما من ثروتهما العقارية المصرية، ليكون قضاؤه على مطامعهما في العرش المصري تاما مبرما؛ ويكون استتباب الأمر له منتظما قارا.

فأوفد، منذ أواخر سنة 1864، إلى أخيه في باريس من فاتحه في أمر بيع الأطيان التي له بمصر، فرفض الأمير مصطفى فاضل بيعها؛ لأن شعاع الأمل في مصير العرش المصري إليه، كان لا يزال منتشرا بقوة في جوانب قلبه، ولكنه، بعاملي نزق الشباب، وحب الظهور، ما فتئ يهلك الملايين تلو الملايين، ويولم الولائم تلو الولائم، ويجود بالهدايا تلو الهدايا - مع أن إيراداته كانت قليلة وضئيلة، بالرغم من اتساع أملاكه العقارية، وذلك بسبب العراقيل المقامة بمصر في سبيل استغلالها استغلالا حسنا - وما فتئ يضطر، بين حين وحين، إلى الاقتراض بفوائد ساحقة، من خزائن الصيارفة ومن عملائه، حتى باتت حالته المالية معقدة تعقيد ذنب الضب؛ وباتت ديونه الباهظة محرجة له إحراجا شديدا يصعب عليه الخروج منه إلا بالبيع.

فرأى (إسماعيل) أن يعيد إذ ذاك الكرة، لا سيما أنه كان قد فاز بإقصائه عن مجاري الوراثة، فأوفد إليه مفاتحا آخر، يعرض عليه بيع الأملاك التي له بمصر؛ ولما لم يعد له مندوحة عن البيع، نجحت المخابرات هذه المرة؛ وقر الاتفاق على أن ثمن المبيع المتفق عليه وقدره مليونان وثمانون ألف جنيه إنجليزي، منها ثمانون ألفا قيمة السمسمرة - يدفعه (إسماعيل) أوراقا مالية لحاملها من أوراق الدائرة السنية المالية المضمونة من الحكومة المصرية والمنتجة فوائد بواقع 9٪، وأن تسدد قيمة تلك الأوراق على خمسة عشر قسطا سنويا، ابتداء من أول يناير سنة 1867.‏

10

فأمضى عقد البيع بباريس في 22 نوفمبر سنة 1866، وسجل في اليوم السادس والعشرين منه؛ ولكنه لم ينفذ في شكله الذي اتفق عليه؛ لأن البنك السلطاني العثماني ومحل اپنهايم وشركائه حلا محل الأمير مصطفى فاضل وأخذا بدل تلك الأوراق المالية سندا عاما مبينة فيه تعهدات الدائرة السنية وضمانة الحكومة المصرية؛ وأصدرا به، في لندن، قرضا بمليوني جنيه إنجليزي بفوائد 9٪ سنويا.

أما حليم باشا، فإن إنفاقه عن سعة، بل إسرافه هو أيضا إسرافا مفرطا، كان قد أدى به منذ سنة 1863 إلى عقد قرض قدره ثلاثمائة ألف جنيه إنجليزي، تعهد بسداده على خمس عشرة سنة، أقساطا متساوية، ثم أدى به سعيه في الأستانة لإحباط جهود (إسماعيل) الخاصة بتعديل مبدأ الوراثة، إلى عقد قرض آخر في سنة 1866 مقداره سبعمائة ألف جنيه مصري، فاضطر إلى رهن كل أملاكه العقارية بمصر، ضمانة لوفاء هذين القرضين؛ وبات يتخبط تخبطا أليما، كلما حل موعد للدفع.

فخابره (إسماعيل) في شراء أملاكه المرهونة منه؛ فما وجد حليم باشا في شدة ضيقه واحتياجه إلى النقود بدا من بيعها، لا سيما بعدما تيقن من نجاح مساعي ابن أخيه في الأستانة، وخيبة مسعاه هو؛ فباعها له نظير مبلغ قدره مليون ومائتا ألف جنيه إنجليزي، دفعت الدائرة السنية له منها ثلاثمائة ألف جنيه إنجليزي بأوراق من أوراقها المضمونة من الحكومة المصرية؛ وأخذت على نفسها دفع الباقي من أقساط القرض الأول وقدره مائتان واثنان وسبعون ألف جنيه؛ ثم افتدت أوراق القرض الثاني المالية، وسلمتها خالصة إلى الأمير البائع.

अज्ञात पृष्ठ