198

मिस्र खादीवी इस्माइल

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

शैलियों

قال (سعيد): «صدقت، وسترى في ذلك همتي».

14

فلما وصل إلى شندي، اجتمع، حوله، أكثر من مائة ألف رجل، فقال لهم: «بلغني أن الشيخ التركي الحاكم على هذا البلد، منذ نيف وعشرين سنة، قد حبس عنده عدة أرقاء، وعلى الأخص عبدا أوثق قيوده، فهو قد خالف بذا؛ أوامري القاضية بمنع الاسترقاق، فأتوني به!»

فأطاعوه، فأمر بالتركي، فطرح على بطنه، وضرب مائة سوط، ثم غلل بأغلال عبده، فصاح الجمهور: «الله! الله! هكذا يكون الإنصاف والعدل! وإلا، فلا! فليحي الأمير!»

فعاد (سعيد) إلى مخاطبتهم وقال: «أترون هذه الحصون التي أقامها والدي، منذ نيف وأربعين سنة على ساحل النيل؟ اذهبوا وخذوا المدافع التي فيها واطرحوها في النهر!»

فهمس دي لسبس في أذنه، قائلا: «إنك تتطرف، فقد يستعملونها بعد رحيلنا، ويستخدمونها فيما قد يضر!»

فقال له (سعيد): «لا تخف! فهي غير صالحة».

15

ولما بلغوا الخرطوم، وتعشوا هناك، عشاءهم الأول - وكان لذيذا وفي محل معد إعدادا جميلا، بالرغم من بعد الشقة - وقع عند نهاية الأكل، حادث غريب، فإن وجه (سعيد) أظلم فجأة، وانتفخت شفتاه وعروق رقبته، فأدلى طربوشه على عينيه، حتى كاد يغطي نصف أنفه - وهو عمل كان يقدم عليه دائما في أوقات انفعالاته الشديدة - وانقلبت سحنته انقلابا مخيفا، فانزعج الحاضرون، وتساءلوا: «ماذا جرى؟» وإذا به نهض، بغتة، وتناول سيفه وقذف به بعيدا على أريكة في آخر الحجرة، وصاح: «اتركوني! لا تسألوني عن شيء!» ففر الجميع، مذعورين! فقال (سعيد) لأحد أمنائه: «سر بالمسيو دي لسبس إلى الأودة التي أعدت لي حالا، وليتركني الكل!» فوقع الوزراء في حيرة، وضربوا أخماسا في أسداس؛ لأنهم اعتقدوا أن حرارة الطقس قد أثرت في عقل الأمير فأورثته جنونا، وهو على ذلك البعد السحيق من عاصمته! ولم يدروا ما العمل!

فلما كانت الساعة الثانية صباحا، طلب (سعيد ) أن يحضروا له حماما باردا، فدل ذلك على أنه أفاق من الحال التي كان فيها، وعند الساعة الثالثة، أرسل إلى دي لسبس، فدخل الفرنساوي عليه وإذا به متكئ على أريكة يدخن شبكة بهدوء تام، فقال له: «أنت طلبت مني يا صديقي، أن أسمح لك بنزهة على النيلين الأبيض والأزرق، فها قد جعلت تحت تصرفك مركبين وطباخي. اذهب وتنزه كما تريد!»

अज्ञात पृष्ठ