मिस्र फी मतलाक क़र्न तासी कशर
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
शैलियों
Vicenzo Taberna
وبحضور «روشتي» قنصل النمسا.
وأما هتشنسون فقد صار يعلل هذه الارتباطات التي ارتبط بها مع المماليك، أو العهود التي قطعها على نفسه بإعادة سلطتهم السابقة إليهم بقوله - كما جاء في رسالته إلى اللورد هوبارت من علقام في 2 يونيو سنة 1801 - «إنه لما كان رجاؤه عظيما في أنه سوف يلقى مساعدة كبيرة من جانب المماليك الذين يفهمون البلاد أفضل من سواهم؛ فقد رأى استنادا على ما جاء في خطاب «هسكيسون» المؤرخ في 22 ديسمبر سنة 1800 أنه ليس هناك ما يمنعه من أن يعرض على المماليك حماية وضمان الحكومة الإنجليزية؛ لا سيما وأنهم أنفسهم قد طلبوا منه ذلك قطعا قبل الانضمام إلى صفوف الإنجليز، ثم قال: وليس لدي أي شك في أنهم يفضلون الفرنسيين على الأتراك الذين لا يثقون بتاتا في وعودهم ولا يعتمدون على هذه الوعود إطلاقا؛ لأنهم مقتنعون تماما بأن الأتراك إنما يريدون إنهاء سلطتهم في مصر بل وإبادة جنسهم وإفناءهم تماما، وهذا بينما يصبح التأكد من استقرار حكومة هذه البلاد بعد مغادرة الفرنسيين لها الغرض الذي تعمل له الحكومة الإنجليزية لما له من أهمية وخطورة»، وقد سبق لهتشنسون - كما قال - أنه ذكر في رسالته لحكومته بتاريخ 3 أبريل سنة 1801: «أن الأتراك لن يستطيعوا الاحتفاظ بمصر، وأنه ليزداد الآن يقينا من ذلك؛ لأن المماليك والعرب والقبط واليونان، بل وكل إنسان في هذه البلاد؛ يكرهون الأتراك كرها عظيما، فإذا خرج الفرنسيون والإنجليز قتل الأتراك نصف هؤلاء واستبدوا في طغيان عظيم بالنصف الآخر، أما الآن - وقد استمال المماليك بالتعهدات التي أعطاها لهم - فإن المماليك والعرب واليونان سوف يصيرون قوة يصعب على الأتراك التغلب عليها.»
بل وذهب هتشنسون في تبرير مسلكه إلى أبعد من ذلك، فقال في رسالته إلى اللورد هوبارت من الإسكندرية في 21 سبتمبر 1801: إنه لم يتجاوز فيما فعله الأوامر والتعليمات التي ادعى ادعاء أنها صدرت إليه والسلطات المخولة له، فقال: «ولقد أمرت بأن أفعل ذلك فصدعت بما أمرت به، إن الظروف الملحة هي التي أوجبت ذلك وألزمته إلزاما، فالحكمة والسياسة الرشيدة تسوغان هذا الإجراء في كل الأوقات.»
على أن من الثابت أنه لم تصدر إليه أية تعليمات في ذلك من حكومته، بل كل ما استند إليه هتشنسون في خطوته هذه هو خطاب «هسكيسون» السالف الذكر للسير أبر كرومبي، كما كان من الواضح أنه قطع على نفسه هذه العهود لقاء ما كان ينتظره من مساعدة المماليك له في الحرب الدائرة ضد الفرنسيين، ومع ذلك فقد كتب هتشنسون إلى إلجين قبل ذلك في 25 يوليو 1801: «إنه بالرغم من هذه التأكيدات بالعمل من أجل منح المماليك العفو وإعطائهم أملاكهم وسلطاتهم السابقة؛ فقد ظلت الأمور معلقة وتبودلت الخطابات بين هتشنسون وبينهم، وكان من الظاهر أن المماليك قد اعتزموا التريث والانتظار حتى يروا أي الكفتين ستكون هي الراجحة في القتال حتى ينضموا إليها»، وفي الواقع لم يهرع المماليك لمساعدة هتشنسون في ساحة المعركة الفاصلة، فاستولى القائد الإنجليزي على العطف في 7 مايو من غير اشتراكهم في القتال معه، ثم استولى بدونهم كذلك على الرحمانية وقبض عند قرية كوم شريف على «كفالييه»
Cavalier
قائد قوات الهجانة الفرنسي في 17 مايو، وكان الأخير قد خرج إلى إقليم البحيرة يجمع من القرى المؤن والأغذية، فلما وجد المماليك أن كفة الإنجليز هي الراجحة، وأنهم صاروا يزحفون على القاهرة اضطروا عندئذ لاتخاذ قرار أخير فكتبوا «هتشنسون» بنفس الأسلوب الذي كتبوا به خطابهم الأول، وقال هتشنسون: «إنه أعطاهم نفس الوعود التي أعطاهم إياها سابقا»، ولم تنضم طلائع المماليك إلى الإنجليز إلا في 29 مايو عند طرانة؛ حيث استمر الزحف منها إلى القاهرة دون حادث، ومن المعروف أن القاهرة سلبت من غير قتال في 27 يونيو سنة 1801 أي من غير أن يكون للمماليك أي نصيب كذلك في هذا الحادث الهام.
ومع ذلك فقد بلغ اهتمام هتشنسون بتنفيذ وعوده مع المماليك حدا جعله يضع مشروعا أو خطة لتنظيم حكومة مصر المستقبلة لتهيئة وسائل الدفاع عن مصر ومنع سقوطها في يد الفرنسيين مرة ثانية، والغرض الذي استهدفه هتشنسون دائما في نشاطه «وذلك بعد أن انضم البكوات إلى الجيش البريطاني على بعد خمس مراحل من القاهرة» يرتكز على عودة امتيازات؛ أي سلطات المماليك وأملاكهم إليهم بعد طرد الفرنسيين من البلاد، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه سابقا؛ أي استرجاع المماليك لسلطتهم الفعلية في الحكومة وهي السلطة التي فقدوها عند الغزو الفرنسي، وقد ذكر هذا المشروع مفصلا الكلونيل «آرثر أنستروثر
Arther Anstruther » من ضباط الجيش البريطاني وقتئذ، في كتاب له بعث به إلى اللورد هوبارت بعد هذه الحوادث بسنة تقريبا (8 مايو 1802) عندما استشارته حكومته في نتائج مسعاها مع تركيا لتسوية مسألة المماليك، ومع أنه لم يذكر تاريخا معينا لهذا المشروع، فالظاهر أنه وضع وقت انضمام البكوات إلى القوات البريطانية عند طرانة؛ أي حوالي 29 مايو سنة 1801، كما يستدل مما جاء في هذه الرسالة ذاتها.
وأما تفصيلات هذا المشروع فهي، أولا: أن يكون للأتراك وحدهم امتلاك الإسكندرية ورشيد ودمياط، وأن يحتفظوا بحامية في قلعة القاهرة، وثانيا: أن يعين الباب العالي كما كان يحدث في الماضي باشا؛ أي واليا يفصل في المنازعات التي تقوم بين البكوات، ويعين رئيسهم - أو زعيمهم - عند خلو هذا المنصب، وأن يكون له؛ أي لهذا الباشا حكومة البلاد العامة، وثالثا: أن تزاد قيمة الميري - أو الخراج - الذي يدفعه البكوات، وأن يدفع هذا الميري دون أي استنزال منه، فيتسلمه محصل عام يعينه الباب العالي، ورابعا: أن يسترد البكوات جميع أملاكهم، وأن يعود لهم الحق كاملا في تصريف شئون هذه الأملاك كما كان الحال سابقا، مع الخضوع لقيود معينة فيما يتعلق بالضرائب أو المال الذي يجبى من السكان، وعلى شريطة أن يحتفظوا بعدد معين من الرجال يتناسب مع اتساع أملاك كل «بك» منهم.
अज्ञात पृष्ठ