मिस्र फी मतलाक क़र्न तासी कशर
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
शैलियों
وعند زيارته لإحدى القرى المجاورة (9 نوفمبر) قابل الشيخ إبراهيم البهلول الذي اشتهر عنه مسلكه الطيب وقت محنة الفرنسيين بقيادة الجنرال فيال
Vial
عندما حوصروا في هذه الجهات، فأعفى بونابرت قريته من الضرائب مكافأة لها، وصار الشيخ من أصدق أصدقاء فرنسا.
وفي دمياط قابل سباستياني جميع مشايخها، وخصوصا الشيخ علي خفاجي الذي كان بونابرت قد أنعم عليه بفروة من السمور، وهو رجل قال عنه سباستياني إنه يتمتع بسمعة ونفوذ كبيرين، ولا يزال على ولائه لفرنسا.
وفي دمياط كذلك تسلم سباستياني في 11 نوفمبر رسالة من عثمان بك البرديسي بادر سباستياني بالرد عليها، فأبلغه أن القنصل الأول قد كلفه بإنهاء الخلافات بين البكوات والعثمانيين، ولكن هذه المسألة لا يمكن الكلام فيها إلا في القسطنطينية، وأن القنصل الأول لا يزال يرجو لهم الخير ويبغى مساعدتهم.
وفي 14 نوفمبر 1802 غادر سباستياني دمياط قاصدا إلى عكا لإنجاز مهمته، فقابل الجزار باشا، ثم غادر عكا في 17 نوفمبر، فوصل زنطة بعد ثلاثة عشر يوما ثم غادرها إلى مسينا.
وكان لبعثة سباستياني في القاهرة آثار بعيدة؛ فقد سببت «الحفاوة» التي قوبل بها رسميا في القاهرة من جانب الباشا العثماني عند وصوله إليها ثم عند مغادرته لها القلق للإنجليز؛ لا سيما وأن سباستياني قد أظهر للجنرال ستيوارت ما جعل الأخير يعتقد أن القنصل الأول مصمم على خروجهم بكل السرعة، وأنه يبغي من الصلح مع الباب العالي استئناف فرنسا لنشاطها التجاري واستعادتها لنفوذها السياسي في مصر، وأزعجت القائد الإنجليزي رغبة بونابرت في التوسط لإنهاء الخلافات بين الباب العالي والبكوات، ومسعى سباستياني نفسه لكسب مودة الأخيرين ومقابلته - لهذه الغاية - لأرملة مراد بك الست نفيسة، بالقاهرة، وتراسله مع البرديسي؛ الأمر الذي هدد بفشل سياسة الإنجليز في مصر، وهم «الذين استطاعوا استمالة البكوات إلى الوثوق بهم والاعتماد عليهم في بلوغهم السلطة والحكم في مصر». وكان القواد والوكلاء الإنجليز بدورهم يعتمدون عليهم كالقوة المحاربة التي في استطاعتها عند استقرار الأوضاع الجديدة دفع خطر الغزو الأجنبي عن البلاد، وخصوصا من ناحية الفرنسيين أنفسهم، وفضلا عن ذلك فقد دل اجتماع سباستياني بالمشايخ في القاهرة وغيرها، على أن هؤلاء أو فريقا كبيرا منهم أصدقاء لفرنسا، وقد يرضون بحكم بونابرت في مصر مرة أخرى، يشاركهم في هذا الشعور أكثرية السكان المتذمرين من مظالم العثمانيين واعتداء الجند عليهم.
وعلى ذلك فقد اهتم «ستيوارت» بأمر هذه «البعثة» منذ مجيء سباستياني إلى وقت مغادرته البلاد، فنقل إلى حكومته في 18 أكتوبر سنة 1802 كل ما دار بينه وبين سباستياني من حديث في مقابلتهما، وكان من رأي ستيوارت أن الفرنسيين يدبرون بعض الخطط التي تمكنهم - سواء بالمفاوضة أو بطريق آخر أكثر صراحة وعلانية - من استعادة سلطانهم ونفوذهم الممقوت في مصر، وأن الغرض من محاولة «سباستياني» مع خسرو باشا من أجل الاتفاق والصلح مع المماليك؛ هو تحقيق هذا المأرب.
وزاد من قلق «ستيوارت» أن خسرو كتب إليه في 9 نوفمبر - دليلا على الود والصداقة القائمة بينه وبين ستيوارت - يبلغه اقتراح سباستياني عليه توسط القنصل الأول من أجل الاتفاق مع البكوات، وكيف أنه ألح على خسرو في الاتصال بالبكوات، أو على الأقل الكتابة إليهم، ولكن خسرو رفض التدخل في مسألة من خصائص الباب العالي نفسه، ثم أضاف أنه ذكر لسباستياني «أنه لما لم يكن لديه أية سلطات تخوله الاتفاق مع الجنرال ستيوارت (في هذه المسألة)، وهو يمثل دولة حليفة لتركيا، فإن معنى قبوله لوساطة فرنسا الإقدام على عمل لا يتفق والاعتراف بالجميل نحو حلفاء الدولة، فضلا عن أنه مخالف لأوامر السلطان»، وتعددت رسائل ستيوارت إلى حكومته وإلى اللورد إلجين سفيرها بالقسطنطينية عن نشاط سباستياني، بناء على المعلومات التي بلغته عنه من الوكلاء الإنجليز طوال شهري أكتوبر ونوفمبر.
وكان مما أبلغه هؤلاء الأخيرون من القاهرة إلى الجنرال ستيوارت (15 نوفمبر) «أن سباستياني يريد الاتصال بالمماليك، ولا يهمل أية وسيلة قد تعينه على بلوغ غرضه، وأنه بعد أن حاول عبثا إقناع خسرو باشا بأن الإنجليز على الأقل سوف يتحدون بقواتهم مع المماليك، متخذا من بقاء الإنجليز بالإسكندرية - بالرغم من انتهاء المدة المنصوص عليها في معاهدة صلح «أميان» لجلائهم - برهانا على صدق مزاعمه؛ لم يلبث أن صار يهدد خسرو باشا بجلب سخط القنصل الأول عليه قائلا: إن نفوذ القنصل الأول لدى الباب العالي قد يبلغ درجة يستطيع بها طلب استدعاء خسرو إذا ظل يعارض سباستياني في أغراضه.»
अज्ञात पृष्ठ