मिस्र फी मतलाक क़र्न तासी कशर
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
शैलियों
ولذلك، فإني أبلغكم أوامر جلالته لمطالبة الميجور جنرال «فريزر» بأن يقصر نشاطه بكل دقة ممكنة على احتلال الإسكندرية العسكري، بما في ذلك احتلال أية مراكز متصلة بها يجد احتلالها ضروريا ولا معدى عنه فورا لتأمين سلامة الحامية وتوفير الغذاء لها، وأنه في حالة ما إذا ألح عليه المماليك أو غيرهم من الأحزاب الصديقة من أجل استخدام قواته لطرد الأتراك من القاهرة، أو مواقع أخرى بعيدة، عليه أن يرفض في عبارات تنم عن أعظم صداقة ممكنة مقترحاتهم مبينا لهم في الوقت نفسه أن واجبه المباشر إنما هو البقاء في الساحل لحماية البلاد من الفرنسيين، وأن الأوامر التي لديه تمنعه حتى تصله النجدات من إرسال أي قسم من قواته في خدمات عسكرية بعيدة في داخل البلاد، ويجب عليه كذلك أن يكون متحذرا من رهن كلمة حكومته فيما يتعلق بأي نظام للحكم، يتقرر في آخر الأمر تأسيسه في هذه البلاد، بل يقصر تأكيدات صداقته على إظهار ما تشعر به الحكومة الإنجليزية من واجب استخدام مساعيها الطيبة وبقدر ما تسمح به الظروف، في صالح أولئك الذين أسدوا خدمات لجيوشها وقت الحرب.
ثم عاد «كاسلريه»، فلخص هذه التعليمات في ختام رسالته؛ لتوضيح الغرض منها بدقة ومن غير لبس أو إبهام فقال: «إن المبادئ العامة التي تقوم عليها إنما هي تجنب أي مسلك قد يفضي إلى زيادة المطالبة بإرسال الجند، وتجنب أي إجراء قد يعطل تنفيذ رغبة الحكومة الإنجليزية في سحب جيشها من مصر في أي وقت تشاء، سواء جاء هذا كتنازل منها للباب العالي، أو من أجل تأدية خدمات عسكرية أخرى أكثر ضرورة.»
وواضح أن النقطة البارزة في هذه الرسالة هي إبلاغ «فريزر» بأن هناك احتمالا لصدور الأمر إليه في أي وقت بالانسحاب من الإسكندرية، وأن الحكومة الإنجليزية لا تستهدف ولا تريد بحال الاحتفاظ بالإسكندرية حتى تقرير الصلح النهائي ولا امتلاك مصر، وقد وصلت إلى قرارها هذا بالرغم من الأخبار التي بلغتها عن انتصار حملة «فريزر» واستيلائها بخسارة طفيفة جدا على الإسكندرية، على أنه لم يمض شهر واحد من صدور تعليمات «كاسلريه» هذه التي ذكرناها، حتى كان قد جد ما جعل الحكومة الإنجليزية تبادر بإرسال أوامرها بصورة حاسمة بإخلاء الإسكندرية فورا والانسحاب من هذه البلاد.
فقد بعث «فريزر» في 6، 24 أبريل إلى «فوكس»، يبلغه نبأ هزيمتي رشيد والحماد، ويطلب النجدات من مال ورجال بكل سرعة، وأرسل «فوكس» بدوره هذه الأخبار إلى حكومته مع تقارير «فريزر»، ومع صورة من رسالة «فوكس» نفسه إلى هذا الأخير في 13 مايو، ردا على كتابي «فريزر» في 6، 24 أبريل، وقد علق على أخبار هذه الهزائم بقوله: إن أوامر الحكومة الإنجليزية كانت إذا وقعت الحرب مع تركيا أن يصير الاستيلاء على الإسكندرية، واعتبر خمسة آلاف جندي عددا كافيا لتحقيق هذا، ولا أعتقد أن الحكومة كانت تفكر في استخدام هذه القوة في أكثر من ذلك، ومن المحتمل أن الحكومة كانت تعرف أن فتح مصر إذا أزمعت عليه يتطلب قوة أكبر من تلك الموجودة في البحر الأبيض الآن، وليس من المقطوع به إذا أحيطت علما بما وقع أن ترى الحكومة من المناسب الاستمرار في امتلاك الإسكندرية بالرغم من كل الصعوبات التي صارت هذه معرضة لها بسبب حرمانها من أسباب الاتصال بسائر القطر (مصر)، وسوف يجري تبليغ الحكومة بكل ما ذكرته في تقاريرك، وما يمكن الوقوف عليه من معلومات أخرى، وفي الوقت نفسه لا أجد من حقي أن أقرر الإخلاء، بل يجب الاحتفاظ والتمسك بالإسكندرية إلا إذا أرغمنا إرغاما على التخلي عنها، بسبب عدم وجود المؤن، والحاجة إلى الماء، أو الالتحام مع قوة عسكرية متفوقة على قواتنا، وسوف تمكنك وسائل النقل بطريق البحر وحماية الأسطول، وهما شيئان لن تجد نفسك محروما منهما من إخراج الجند والانسحاب في كل وقت، إذا تبين أن ذلك قد صار ضروريا. ووعد «فوكس» بإرسال النجدات إلى «فريزر» بالقدر الذي يعوض عليه خسارته، كما وعد بإرسال المؤن والمال، وتوقع أن يلقى التجار ما يشجعهم نظير ما يجنونه من ربح مالي - على إمداد الإسكندرية بحاجتها من الأغذية وغيرها، وكان من رأيه عند تحصين المداخل إلى الإسكندرية، والسيطرة على الملاحة في بحيرة إدكو، أنه سوف يتعذر على العدو مهاجمة المدينة، ونصحه باستمالة العرب إليه؛ حيث إن بذل المال لهم وحسن معاملتهم يفضيان إلى تزويده (أي «فريزر») ببعض الإمدادات عن طريق الصحراء، ثم إنه نصحه بالمضي في مراسلة المماليك، حتى إذا نشط هؤلاء في الجهات المجاورة للقاهرة، شغلوا الأتراك، وصرفوهم عن محاولة الهجوم على الإسكندرية، واختتم رسالته إليه بقوله: «إن ترك مصر والتخلي عنها في الوقت الحاضر، يلحق أذى بليغا بصالح بريطانيا ويهدمه تماما، ويؤكد تفوق واستعلاء فرنسا، وتتطلب رعاية مصالح الوطن والمحافظة على شرفنا العسكري بعد هذه النكبات الأخيرة التمسك بالإسكندرية الآن، وحتى تجد الحكومة الإنجليزية الوقت لاتخاذ قرار في هذه المسألة بعد بحثها.»
ولم يغير «فوكس» موقفه هذا، عندما تسلم تقارير «فريزر» التالية بتاريخ أول و6 مايو، وكذلك صورة رسالة هذا الأخير إلى «وندهام» في أول مايو، وقد تضمنت كل هذه آراء «فريزر» عن ضرورة إخلاء الإسكندرية في النهاية - على نحو ما عرفنا - فأجاب «فوكس» من «سيراكوز» في 30 مايو أنه لما كان قد صدر أمر الحكومة باحتلال الإسكندرية، فهو لا يستطيع أن يأخذ على عاتقه أن يصدر إليه أية تعليمات أخرى سوى وجوب الاحتفاظ بالإسكندرية، والدفاع عنها أطول مدة ممكنة دون المجازفة بتحطيم جيشه، وأنه يعتقد بفضل النجدات التي بعث بها إليه من مال ورجال أن في وسع «فريزر» فعل ذلك، ولكنه إذا اتضح له أن القوة المعدة ضده كبيرة لدرجة يصبح معها بقاؤه بالإسكندرية أمرا غير عملي، فلدى «فريزر» من الوسائل ما يمكنه من الانسحاب بسلام منها. وفي رسالة أخرى من «فوكس» في نفس التاريخ (30 مايو) إلى أحد العسكريين البريطانيين، قال إنه بالرغم مما جاء في تقارير «فريزر» عن هزائم الجيش، وعن حاجته الملحة إلى النجدات المختلفة، وجسامة الصعوبات التي تواجهه في الإسكندرية، واعتقاده أي «فريزر» بضرورة إخلاء الإسكندرية عاجلا أو آجلا، فهو لا يستطيع أن يتحمل مسئولية الموافقة على إخلاء الإسكندرية إذا كان هناك احتمال للاحتفاظ بها، حتى يقف على رأي وقرار حكومته بشأن ذلك، ولو أنه يتفق في الرأي مع «فريزر»، على أنه من المتعذر من غير إرسال قوات كبيرة، يؤلف الفرسان قسما لا يستهان به منها إلى هذه البلاد لاحتلالها بصورة دائمة، حيث قد اتضح أن الميجور «مسيت» كان مخطئا لدرجة بعيدة في معلوماته عن الحالة السائدة في البلاد.
على أن «فوكس» عندما بعث بتقارير «فريزر» سالفة الذكر وبصورة من جوابه عليها (رسالة «فوكس» إلى «فريزر» في 13 مايو)، لم يلبث أن أوضح لحكومته أنه لا يتسنى لها الاحتفاظ بالإسكندرية بعد الهزائم الأخيرة إلا إذا أنفذت إلى «فريزر» جيشا كبيرا لا معدى عن أن يسبب أخذه من قواته هو في صقلية ضعف جيشه بها، فقال: إنه يسوءه أن يبعث إلى الوزير «وندهام» بأخبار الهزيمة التي حلت بجيش «فريزر»، وأنه يرجو أن يستطيع هذا الأخير البقاء بالإسكندرية، والدفاع عنها بفضل النجدات التي سوف يرسلها إليه، حتى يتضح ما يصح عزم الحكومة عليه بصدد البقاء بالإسكندرية أو إخلائها، ثم شرع يقول: وإنه لمن شأن حكومة جلالة الملك أن تقرر ما إذا كانت ترى من الحكمة سحب القوات الحالية من مصر، فإن الاحتفاظ بالإسكندرية في وجه الصعوبات التي يبدو أنها قائمة الآن، أو إرسال جيش إلى هذه البلاد يمكننا من الاستمرار في امتلاكها بصورة تبعث على الاحترام، وعلى درجة من القوة تكفي لاحتلال كل المواقع الضرورية لتأمين سلامتنا، فضلا عن حماية وتعضيد المماليك وغيرهم ممن يرغبون في تأييد المصالح البريطانية في مصر، يبدو لي أنه لا يمكن تحقيقه إلا إذا كان لدينا جيش من خمسة عشر ألف رجل من بينهم ألف من الفرسان، وأفهم أنه سوف يتضح لكم أن لا شيء يضر بقوات جلالة الملك مثل احتمال هزيمة جيشه على يد العدو وإرغامه على إخلاء البلاد أو وقوعها في قبضة العدو، ولكنني لا أكاد أرى ضرورة، تلجئني إلى بيان مقدار الضعف الكبير الذي سوف يلحقه بالجيش هنا (في صقلية) إلى جانب ما حدث من إرسال الأورطة التي أرسلت إلى جزيرة مالطة لإخماد تمرد آلاي «فروهبرج»
Forhberg
بها على نحو ما ذكرت في رسالتي بتاريخ 4 مايو، إرسال هذه النجدات إلى الإسكندرية، وفي 13 يونيو كتب «فوكس» إلى «كاسلريه» من «مسينا»، بعد أن أرسل إليه نسخا من رسائل «فريزر» عن مفاوضات ترجمان محمد علي معه، وتحسن الموقف خلال شهر مايو بالإسكندرية، أنه يصعب عليه وهو على هذه المسافة البعيدة منه أن يصدر إليه تعليمات بشأن مسلكه مع محمد علي والبكوات المماليك، ولكنه سوف يوصيه على كل حال بأن يظل على علاقات طيبة مع الفريقين دون التورط مع أحدهما بشكل يسبب امتعاض الفريق الآخر منه، وأن يكون متحذرا جدا من ناحية محمد علي، وقد أرفق «فوكس» مع رسالته هذه تقرير الكابتن برجوين الذي سبقت الإشارة إليه عن تعذر الدفاع عن الإسكندرية في الظروف الراهنة، كما أوفد الكابتن «ثاكري»
Thackary
وهو من الضباط الملمين تماما بآراء كبير المهندسين الميجور برايس
अज्ञात पृष्ठ