مصر الناقدة لنفسها لا تنقد أوضاعا في بلاد أخرى؛ لأنها حين تنقد تعرف حدود النقد وتعرف أصول النقد وقواعده .. وهي في هذا السبيل تطبق قول سقراط «اعرف نفسك بنفسك».
هذا ما تفعله مصر منذ أن قامت على وجه الدنيا .. لم ينقدها ناقد وأفلح، ولكن نقدها يأتي من عندها .. فكفاكم هذيانا أيها الناقدون الحاقدون، فمصر فوق كل نقد؛ لأنها تعرف النقد ولا تنكره على نفسها، ولا تمنعه عن ذاتها لحظة واحدة.
مصر للسلام درع وسيف
يحمي مصر جنود بواسل، ولكن الله جل وعلا، هو حارسها الأعظم، هو خير درع وخير سيف وخير مدفع .. فسلاح الدين متوفر في مصر، قلما لا يحمله واحد من سكان مصر وأبناء مصر.
من أسلحة الدين التي يتسلح بها المصريون: القرآن الكريم، والإنجيل المقدس، والتوراة العظيمة .. وفي مصر يهود يحبونها أكثر مما يحبون أنفسهم، ولهم في القاهرة حارة كاملة تحمل اسمهم «حارة اليهود»، وهم يحبون هذا اللون من الحياة المنعزلة المتسمة بالتعاون الطائفي .. ولكنهم، إذا ما جد الجد، يدافعون عن حارتهم بنفس الطريقة والصورة التي يدافع بهما أي مصري عن حدود مصر.
أما المسلم والمسيحي فهما جسد واحد ذو روحين أو روح واحدة في جسدين .. القوتان تعملان من أجل هدف واحد من أجل مصر الأم العظمى؛ الأم الوالدة، الأم التي هي أمهما بلا نزاع ولا جدال.
فالمسلم والمسيحي درع واحدة، يحميان مصر من شر المعتدين .. والجيش المصري يضم المسلم كما يضم المسيحي بنفس الطمأنينة والثقة.
ولم يحدث قط أن سمعنا أن مسيحيا خان مصر، أو أنه ألقى الدرع الخاص بها وأولى ظهره للعدو موليا الأدبار، أو أنه سلم الأمانة ليد المغتصب أو المعتدي.
مصر قلعة السلام في العالم .. أي اعتداء على مصر اعتداء على سلام العالم .. وأي اعتداء على حدود مصر اعتداء على سلام البلاد العربية كلها، وعلى هناء بلاد العالم طرا.
مصر كأم تذود عن بنيها وأولادها وجيرانها، وتدافع عنهم، وتضحي بسخاء دونه أي سخاء .. إنها لا تتخلى عن الرسالة الكبرى .. رسالة السلام، وهي عندما تسلح بنيها وتدججهم بشتى أنواع الأسلحة، لا تعلن حربا ولا تبغي اعتداء، وإنما ذلك من أجل المحافظة على السلام الذي قد يفكر الآخرون في الاعتداء عليه والنيل منه، وطعنه طعنات نجلاء مميتة.
अज्ञात पृष्ठ