Mishkalat Al Thaqafa
مشكلة الثقافة
अन्वेषक
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
प्रकाशक
دار الفكر
संस्करण संख्या
١٤٢٠هـ = ٢٠٠٠م ط٤
प्रकाशक स्थान
دمشق سورية
शैलियों
ولقد اتبعت فكرة الزمن- مثلًا- هذا السياق، فإن الزمن لم يكن شيئًا مذكورًا، أو بمعنى أصح كان شيئًا لا عنوان له طالما لم يخترع الإنسان كلمة يطلقها عليه.
ثم أخذ اسمًا حقق وجوده، فانتقل بذلك من مرحلة (الحضور) إلى مرحلة (الوجود) المعبر عنه بكلمة، ولكنه في ظل هذه الكلمة لم يكن يعني شيئًا كبيرًا، بل كان فقط فكرة غامضة عن المدة الزمنية، تلك معرفة تجريبية.
لكن هذه الفكرة سوف تنمو في عقل الإنسان كما نظّم نشاطه في نطاق المدة، فكان من نتيجة تقسيم العمل في المجال الاجتماعي تقسيم الزمن في المجال النفسي، ومنذ ذلك الحين أصبح الزمن كمية تخضع للقياس، وإن كان هذا القياس ما زال في أول الطريق؛ فالعمل يقدر باليوم لا بالساعة لسبب بسيط، هو أن وحدة الزمن لم يتم تحديدها بعد، فحديث القدماء عن الساعة لم يكن حديثًا عن كمية محددة من الزمان، فكان على الإنسانية أن تنتظر الحضارة العربية لترى الزمان يقاس في النهاية قياسًا رياضيًا، لأن أحد الفلكيين المسلمين بالغرب وهو (أبو الحسن المراكشي) قد اخترع وحدته حين حدد (الساعات المتساوية)، أعني حين قسم مدة دوران الأرض أربعة وعشرين جزءًا متساويًا.
فمنذ ذلك الحين انتقل تحديد الزمن من المرحلة التجريبية إلى المرحلة العلمية.
ومنذ ذلك الحين أيضًا نمت فكرة الزمن حتى انتهت إلى (تايلور)، الذي جعل منها قاعدة جوهرية في التنظيم الصناعي في القرن التاسع عشر.
وها نحن أولاء اليوم نرى أن تلك القاعدة تسيطر على جميع نواحي النشاط الإنساني، حتى لنراها قد صارت جزءًا من مفهوم (الثقافة) في القرن العشرين، باعتبارها عنصرًا جوهريًا في بناء (أنا) الفرد في المجتمع الحديث.
1 / 23