فقال أين تريد؟ قال: اهلي، قال: هيهات ما عشيتك إلا على أن لا تؤذي المسلمين الليلة ثم وضع في رجله القيد حتى أصبح، وتوفي أبو الأسود بالبصرة. وفيها توفي محمود بن الربيع الأنصاري الخزرجي، كان قد عقل مجة مجها رسول الله ﵌ في وجهه من بير في دارهم وهو ابن أربع سنين. وفيها توفي نافع بن جبير بن مطعم النوفلي، وكان هو وأخوه محمد من علماء قريش وأشرافهم، توفي قريبًا من أخيه. وفيها توفي عبد الله بن محيريز الجمحي المكي نزيل بيت المقدس، وكان عابد الشام في زمانه رحمةالله عليه. وقال رجاء بن حيوة إن تفخر علينا أهل المدينة بعابدهم ابن عمر، فإنا نفخر عليهم بعابدنا ابن محيريز، وإن كنت لأعد بقاءه أمانًا لأهل الأرض. وفي عاشر صفر توفي خليفتهم سليمان بن عبد الملك الأموي، وله خمس وأربعون سنة، وكانت خلافته أقل من ثلاث سنين، وكان فصيحًا فهمًا محبًا للعدل والغزو ذا همة عالية، جهز الجيوش لحصار القسطنطينية، وسافر فنزل على قنسرين ردًا لهم، وقرب ابن عمه عمر بن عبد العزيز وجعله وزيره ومشيره، ثم عهد إليه بالخلافة، وكان أبيض مليح الوجه مقرون الحاجبين يضرب شعره منكبيه. قلت حكي أنه قدم عليه من بلاد الهند حكيم فقال له: بم جئتني؟ قال: جئتك بثلاث قال: ما هي؟ قال: تأكل ولا تشبع، وتنكح ولا تفتر، وتسود شعرك ولا تبيض، فقال له: كلهن يرغب العاقل عنهن. أما كثرة الأكل فأقل ما في ذلك كثرة دخول إلى المرحاض وشم الروائح الخبيثة، وأما كثرة النكاح فأقل ما في ذلك أنه يقبح لمثلي خليفة يبقى أسيرامرأة، وأما تسويد الشر فقبيح أن يسود المرء نورًا أكرم الله تعالى به عبده المسلم مشيرًا إلى الحديث من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورًا يوم القيامة الحديث.