قالت بضيق محتجة: ولكن مضى على حياتنا المشتركة حوالي عام ونصف. - كانت أهنأ أيام حياتي، وكان يمكن أن تمتد إلى الأبد دون أن يدري بها أحد.
ونظرت في قعر الفنجال كأنما أقرأ البخت ثم واصلت قائلا: ولكن سوء الحظ أدركني، سأرجع إلى شقة العازب المبعثرة، وربما اضطررت إلى الإقامة في فندق حقير أو بنسيون مزعج.
نفخت بوحشية وقالت: يوجد حل، يوجد حل، ولكنك خسيس ابن حرام! - أنا رجل صريح، أحبك حقا، وسأحبك حتى آخر يوم في حياتي، ولكني قلت لك من أول يوم إن الله لم يخلقني للزواج. - لأنه خلقك ناقص المروءة. - وإذن فلا داعي للرجوع إلى مناقشات لا خير فيها.
تفرست في عيني كأنما لتنفذ إلى أغوارهما، ثم قالت: تريد أن تهجرني.
فبادرتها: صفية، أنا رجل صريح، لو في نيتي أن أهجرك لقلتها بصريح العبارة وذهبت.
ران الكدر على روحها ووجهها، وضاعف العبوس من دمامتها العابرة، فتمنيت أن تعافني وتكرهني ليذهب كل منا إلى حال سبيله.
وقلت لنفسي إنه عند الحساب ستتعادل كفتانا. كانت حياتنا مشتركة بكل معنى الكلمة عدا المجاملات التي كانت تنفحني بها في المناسبات والتي عجزت - لظروفي الخاصة - عن ردها. غيري آخرون يستغلون عشيقاتهم استغلالا فاحشا. الحق أني لم أعتد بذل النقود للنساء. وعلى أي حال فإني أتوقع معركة ختامية، وقد جربت ذلك أكثر من مرة. وقد عرفت الحب في الكلية ولكني جئت متأخرا فضاعت الفرصة. فرصة سعيدة كانت. جميلة وذات مستقبل وكريمة لطبيب تتدفق عليه أموال المرضى. ولكن ما فائدة «لو»؟
ها هو قلبي يخفق مرة أخرى. أجل .. إني أحب الفلاحة. مجرد شهوة كالتي ساقتني إلى صفية في الجنفواز. ••• - أريد حجرة لإقامة طويلة.
تجلت نظرة ارتياح في العينين الزرقاوين المستطلعتين، ثم تراخت مستندة إلى ظهر الكنبة تحت تمثال العذراء. في لفتاتها رشاقة متخلفة عن ماض سعيد، وشعرها الذهبي المصبوغ يشي برغبة مزمنة في التشبث بذلك الماضي. ساومتني بصراحة تجارية مؤكدة الأسعار الخاصة بالصيف. - ولكن أأنت قادم جديد إلى الإسكندرية؟
لم يكن سؤالا عارضا ولكنه حلقة من سلسلة استجواب طويل مفهوم. جاريتها لأوثق علاقتي بها فقدمت لها اعترافا بعملي وسني وبلدتي وحالتي الاجتماعية. في أثناء ذلك رجعت الفلاحة من مشوار خارجي، رأتني فخفضت عينيها، أدركت حقيقة الموقف بنظرة واحدة، ومضت متعثرة في ارتباكها، ولكن المدام لم تفطن بطبيعة الحال إلى ارتباكها، ولا رأت تورد خديها. وعندما تقدمتني إلى الحجرة الخالية - آخر حجرة خالية مطلة على الشارع - كنا بمثابة صديقين ترجع صداقتهما إلى عهد غابر في الزمان. •••
अज्ञात पृष्ठ