تقربهم إليه زلفى، لم يجعلوا شيئا من آلهتهم كفوا له، ولا نظيرا، ولا ولدا، ولم ينالوا من الرب -تعالى- ما نالت منه هذه الأمة.
وعذرهم في ذلك أقبح من قولهم، فإن أصل معتقدهم أن أرواح الأنبياء كانت في الجحيم في سجن إبليس من عهد آدم إلى زمن المسيح، فكان إبراهيم وموسى ونوح وصالح وهود معذبين مسجونين في النار بسبب خطيئة آدم وأكله من الشجرة، وكان كلما مات واحد من بني آدم أخذه إبليس، وسجنه بذنب أبيه، ثم إن الله -سبحانه- لما أراد رحمتهم وخلاصهم من العذاب تحيل على إبليس بحيلة، فنزل عن كرسي عظمته، والتحم ببطن مريم حتى ولد، وكبر، وصار رجلا، فمكن أعداءه اليهود من نفسه، حتى صلبوه، وسمروه، وتوجوه بالشوك على رأسه، فخلص أنبياءه ورسله، وفداهم بنفسه ودمه، فهرق دمه في مرضاة جميع ولد آدم، إذ كان ذنبه باقيا في أعناق جميعهم، فخلصهم منه بأن مكن أعداءه من صلبه وتسميره وصفعه إلا من أنكر صلبه أو شك فيه.
وقال: إن الإله يجل عن ذلك، فهو في سجن إبليس معذب حتى يقر بذلك، وأن إلهه صلب وصفع وسمر، فنسبوا الإله الحق -سبحانه- إلى ما يأنف أسقط الناس أن ينسبه إليه مملوكه وعبده، وإلى ما يأنف عباد الأصنام أن تنسب إليه أوثانهم.
وكذبوا الله -سبحانه- في كونه تاب على آدم، وغفر له خطيئته، ونسبوه إلى أقبح الظلم، حيث زعموا أنه سجن أنبياءه ورسله وأولياءه
1 / 184