मिन्हाज तासिस व तकदीस

अब्दुल लतीफ अल शेख d. 1293 AH
156

मिन्हाज तासिस व तकदीस

منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس

प्रकाशक

دار الهداية للطبع والنشر والترجمة

يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ، قُلْ للهِ الشَّفَاعَةُ جَميعًا﴾ (الزمر:٤٣ـ ٤٤)، وسورة الزمر أصل عظيم في هذا ومن هذا قوله ﷾: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ، يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ، يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾ (الحج:١١ - ١٣) وكذلك قوله: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (العنكبوت:٤١)، والقرآن عامته إنما هو في تقرير هذا الأصل العظيم الذي هو أصل الأصول. وهذا الذي ذكرناه كله من تحريم هذا الدعاء مع كونه قد يؤثر إذا قدر أن هذا الدعاء كان سببًا أو جزءًا من السبب في حصول طلبته، والنّاس قد اختلفوا في دعاء المستغيث المستعتب لقضاء الحاجات: فزعم قوم من المبطلين متفلسفة ومتصوفة أنه لا فائدة فيه أصلًا؛ فإن المشيئة الإلهية والأسباب العلوية إما أن تكون قد اقتضت وجود المطلوب، وحينئذ فلا حاجة إلى الدعاء أو لا تكون اقتضته وحينئذ فلا ينفع الدعاء. وقال قوم ممن يتكلم في العلم: بل الدّعاء علامة ودلالة على حصول المطلوب وجعلوا ارتباطه بالمطلوب ارتباط الدليل بالمدلول، لا ارتباط السبب بالمسبب بمنزلة الخبر الصادق والعلم السابق. والصّواب ما عليه الجمهور من أنّ الدعاء سبب لحصول الخير المطلوب أو غيره، كسائر الأسباب المقدرة والمشروعة، وسواء سمي سببًا أو جزءًا من السبب أو شرطًا فالمقصود هنا واحد. وإذا أراد الله بعبده خيرا ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سببًا للخير الذي قضاه له كما قال عمر ﵁: "إني لا أحمل همّ الإجابة، وإنما أحمل همّ الدّعاء فإذا أُلهمت الدعاء فإن الإجابة معه". كما أن الله ﷿ إذا أراد أن يشبع عبدًا أو يرويه ألهمه أن يأكل أو يشرب، وإذا أراد أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب فيتوب

1 / 160