وقيل مما كتب به أبو الحواري (رحمه الله) إلى أهل حضرموت: أن الذي فرق بين أموال أهل الشرك، وأهل القبلة - السنن الماضية التي يهتدي بها ولآثار المتبعة؛ التي يقتدي بها؛ ليس لأحد فيها اختيار، ولا رأي، ولا قياس.
كما أن أهل الشرك من غير العرب - تغنم أموالهم، وتسبي ذراريهم، ولهم العهد. والذمة.
وأما أهل الشرك من العرب فتغنم أموالهم، ولا تسبي ذراريهم، ولا لهم عهد ولا ذمة، ولا يقبل منهم إلا الدخول في الإسلام، أو القتل، وكلا الفريقين مشركون.
فجاءت السنة، والأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فيبطل هاهنا الرأي والقياس.
قال الله تعالي: " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " وكان الجلد على البكر مائة جلدة بكتاب الله، وعلى المحصن الرجم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكلاهما زان نسخه زانيان.
وقال الله تعالي " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " ؛ فكان طلاق الحرة ثلاث تطليقات بكتاب الله، وطلاق الأمة اثنتان في الأثر.
وقال محمد بن محبوب (رحمه الله): بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه حد على شرب الخمر أربعين جلدة، وحد أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) على شرب الخمر أربعين جلدة، وحد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على شرب الخمر ثمانين جلدة بعدهما، فروي عن الربيع (رحمه الله) أنه قال: مضت السنة؛ هن تركها هلك، والمسلمون على ذلك إلى يومنا هذا: يحدون على الخمر ثمانين جلدة.
فلو أن إماما أحد على شرب الخمر أربعين جلدة، وقال: هكذا فعل النبي (- صلى الله عليه وسلم -)، وأبو بكر (رضي الله عنه) من بعده - ما قبل منه ذلك.
पृष्ठ 78