ولأن المريض إذا كان عليه دين وحج، ولم يخلف وفاء لقضائهما - أنه يبدأ بالدين، فيقضي، ولو كان سبيلهما سبيل الدين لضرب معه.
وفي بعض القول أنه يبدأ بالحج، وبحقوق الله الواجبة قبل الدين، وقول: إن حقوق الله وحقوق العباد تتزاحم، ولا يقدم أحدهما على الأخر، وقول: تقدم حقوق العباد على حقوق الله تعالي.
وكل هذه الأقاويل: يجعلون حقوق الناس من رأس المال.
وقيل: كل مسألة لم يخل الصواب فيها من أحد قولين. ففسد أحدهما لقيام الدليل على فساده - صح أن الحق في الآخر.
فصل:
وسئل أبو محمد "رحمه الله" عن القياس، فقالوا: وهو أن يقاس الفرع على الأصل، كما قال الله تعالي: " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة " فكل من القياس جلد قاذف المحصن من الرجال؛ لاستواء العلة به.
وكذلك جاءت السنة فيمن أعتق حصة من عبد له فيه شريك - عتق العبد كله، والقياس في الأمة إذا كانت بين شركاء، فأعتق أحدهم نصيبه منها، أنها تعتق كلها؛ لاستواء العلة في الأمة والعبد.
وكذلك جاءت السنة عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -) في امرأة فرجها، وهي متوضئة - أنها تعيد طهرها، فالقياس في الرجل إذا مس فرجه: أن يعيد طهره.
كذلك: في سؤر الفأر - من ذهب أنه من السباع؛ فسؤره عنده نجس، ومن ذهب أنه من الوحوش، فسؤره - معه - طاهر، وكذلك بعوه.
وقال تعالي " حرمت عليكم الميتة " فعم بهذا الخطاب جميع الميتة، وقال (- صلى الله عليه وسلم -): أحل لكم ميتتان: الجراد والسمك.
فقاس المسلمون باجتهادهم: أن كل دابة لا دم فيها كالجراد(1)، مثل: العقرب، والدبي، والذباب، والصرص(2)، والذرة، وما أشبهها - أن حكمه الطهاوة كالجراد.
पृष्ठ 75