وروي عن عائشة (رضي الله عنها): أنها كانت توجب إعادة الطهارة من الكلمة الخبيثة، والغسل من الأكسال، وتقول: كيف يجب الحد بالتقاء الختانين، ولا يجب صاع من ماء، يعني للغسل، وكانت تري نقض الطهارة بالكذب المتعمد عليه؛ على ما يذهب إليه أصحابنا.
وقد قال بالقياس كثير من الصحابة في الحوادث، واجتهدوا آراءهم فيها و [في] الحوادث التي كانت بينهم من الاختلاف فيها؛ فالواجب على المتفقه أن يتأمل هذه المعاني، ويعتبر أحكامها عند النوازل به منها.
واختلاف الصحابة في الحوادث قيل: إنه كان منهم على طريق الاجتهاد، وقيل: كان على سبيل استخراج الحكم بالدليل المستنبط به.
ويقع الاختلاف بين العلماء في نفس المنصوص؛ لأن من العلماء من يقول بالعموم، ومنهم من يقول بالأوامر على الوجوب، ومنهم من يقول هي على الندب، ومنهم من يقول: الأوامر إذا وردت كانت على الوقف؛ لأحكم لها حتى يرد بيان يرفع الشبهة عن المأمورين، ويزيح العلل عنهم.
ولو كان هذا هكذا فالاختلاف قد يقع عليه في المنصوص عليه بعينه، و [قد] يقع في المنصوص عليه في الجملة؛ ألا تري إلى قول النبي (- صلى الله عليه وسلم -) حيث يقول: "إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم"، ثم أجمعوا على أن بيع الذهب والفضة إذا كان أحدهما غائبا لا يجوز.
ونهي عن بيع المنابذة، والملامسة، ولم يقل: كيف شئتم؛ إلا المنابذة، والملامسة؛ فهذا يدل على أنه قد قال: بيعوا كيف شئتم: إلا ما نهيتكم عنه من البيوع.
وقال أبو عبدالله (رحمه الله) في رجل معه عشرة آلاف درهم، فأخذها السلطان كلها من بعد حلول زكاتها، وقبل أن يخرج زكاتها؛ فإن عليه أن يعطي زكاتها؛ ولو باع من أصل ماله: كالتي يجيئها الحيض من بعد دخول وقت الصلاة، ولم تصل، حتى جاءها الحيض؛ فإن عليها يدل تلك الصلاة إذا طهرت - يقاس هذا بهذا.
पृष्ठ 67