============================================================
(37 رع العبادات (كتاب قواعد المقائد والكلام غاية الحراسة، فإن ما يفسده الجدل أكثر مما يصلحه، خصوصا للقلب الضعيف، فإن اشتغل الصبي بكسب الدنيا، ولم يقبل على سلوك طريق المعاملة فقد يسلم في الآخرة بما اعتقد؛ لأن الشرع لم يكلف أخلاف العرب أكثر من التصديق الجزم بالظواهر، ولم يكلفهم البحث والتفتيش ونظم الأدلة، وإن سلك طريق الآخرة وساعده التوفيق على استعمال الرياضة والمجاهدة انفتحت له أبواب من الهدى تكشف له حقائق هذه العقيدة بنور إلهي يقذف في قلبه بسبب الحجاهدة، لقوله تعالى: وألذين جهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} [العنكبوت : 69) ومتى كان ممن له بحث ونظر، فسمع كلام أهل البدع، وعلقت بقلبه شبهة(1)، فينبغي أن يحذر عن مساكنتها، فإن لم يمكن، فلينظر في كتابنا المسمى بمنهاج الوصول إلى علم الأصول(2)، فإنه كافي: الفصل الثالث في الإشارة إلى أدلة العقيدة التي ذكرناها من تأمل وجود المخلوقات ونظر في ترتيبها المحكم علم قطعا أنها لا تستغني عن موجد أوجدها وصانع دبرها، فإن الحادث لا يستغني في حدوثه عن سبب يحدثه، والعالم حادث، فلا يستغني عن محدث، ولو كان الخالق حادثا لافتقر إلى محدث، فدل على أنه قديم، ولا يجوز أن ينعدم؛ لأن طريان العدم يحتاج إلى سبب كطريان الوجود، وما ثبت قدمه استحال غدمه، وليس بجوهر؛ لأن كل جوهر مختص بحيزه، فهو ساكن فيه أو متحرك عنه، والحركة والسكون حادثان وما لا يخلو عن الحوادث حادث، وليس بجسم؛ لأن الجسم مؤلف، وإذا بطل كونه جوهرا بطل كونه جسما، وليس بعرض؛ لأن العرض ما يحل في الجسم، وقد كان قبل الأجسام، فكيف يحلها؟! فإذن لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئا، وهو موصوف بالحياة؛ لأنه قد ثبت أنه عالم قادر، فتثبت بالضرورة حياته، وقد أخبر القرآن (1) في (ظ): "شبه".
() تقدم الكلام عليه في الصفحة 46.
पृष्ठ 83