============================================================
سعة رحمة الله وكثرة فضله وغاية جوده ما لا يبقى لك معه خوف، فتتكل على ذلك بمرة وتأمن، وإن نظرت من جانب الخوف. . رأيت من عظيم سياسة الله تعالى وكثرة هيبته ودقة أمره وغاية مناقشته مع أوليائه وأصفيائه ما لا يكاد يبقى لك معه رجاء، فتيأس بمرة وتقنط.
فتحتاج إذن ألأ تنظر إلى سعة رحمة الله تعالى فقط حتى تتكل وتأمن ، ولا إلى عظيم الهيبة والمناقشة فقط حتى تقنط وتيأس، بل تنظر إلى هلذا وإلى هلذا جميعا، وتأخذ من هلذا بعضا، ومن هلذا بعضا، فتركب بينهما طريقا دقيقا، وتسلك ذلك لتسلم؛ فإن طريق الرجاء المحض سهل واسع عريض، وعاقبيه تؤديك إلى الأمن والخسران، وطريق الخوف المحض واسع عريض، وعاقبته تؤديك إلى الضلال والكفران، والطريق العدل بينهما طريق الخوف والرجاء، وإن كان دقيقا عسرا.. فإنه سبيل سالم، ومنهج بين، يؤدي إلى الغفران والإحسان، ثم إلى الجنان والرضوان ، ولقاء الملك الرحمان سبحانه، أما تسمع قوله تعالى في أبناء هلذا الشبيل : يدعون ربهم خوفا وطمعا) ، ثم قال : ( فلا تعلم نفس ما أخفى لهكم من قرة أعين جزله بما كانوا يعملون} ؟
فتأمل هلذه الجملة جدا وتشمر وتنبه للأمر؛ فإنه لا يجيء بالهوينى ، والله الموفق ثم أعلم : أنه لا يتأتى لك سلوك هلذه الطريق ، وحمل هلذه النفس الجموح الكسلانة على الخير باجتناب المحبوب عندها، واكتساب الطاعات الثقيلة عليها.، إلأ بالتحفظ بثلاثة أصول ، : والتذكر لها على سبيل الدوام من غير فترة ولا غفلة أحذها : ذكر أقواله تعالى في الترغيب والترهيب : والثاني : ذكر أفعاله سبحانه في الأخذ والعفو.
والثالث : ذكر جزائه للعباد في المعاد من الثواب والعقاب .
وتفصيل كل أصلي منها يحتاج إلى صحف كثيرة، ولأجلها صنفنا كتاب 24
पृष्ठ 204