============================================================
وشطر الاجتناب؛ فالاكتساب : فعل الطاعات، والاجتناب : الامتناع عن المعاصي والسيئات، وهو التقوى، وإن شطر الاجتناب على كل حال أسلم وأصلح، وأفضل وأشرف للعبد من شطر الاكتساب، ولذلك يشتغل المبتدتون من أهل العبادة الذين هم في أول درجة الاجتهاد بشطر الاكتساب ، كل هقتهم أن يصوموا نهارهم، ويقوموا ليلهم، وتحو ذلك، ويشتغل المنتهون أولو البصائر من أهل العبادة بشطر الاجتناب، إنما همتهم أن يحفظوا قلوبهم عن الميل إلى غير الله تعالى، وبطونهم عن الفضول، وألسنتهم عن اللغو، وأعينهم عن النظر الى ما لا يعنيهم ولهلذا المعنى قال العابد الثاني من العباد - وكانوا سبعة- ليونس عليه السلام : يا يونس؛ من الناس من خبب إليهم الصلوات فلا يؤثرون عليها شيئا ، وهي عمود العبادة بالثبات لله تعالى والصدق والتضروع والابتهال، ومنهم من حبب إليهم الصوم فلا يؤثرون عليه شيئا، ومنهم من حبب إليهم الصدقة فلا يؤثرون عليها شيئا يا يون- وأنا مفسه لك هذذه الخصال - اجعل طول صلاتك الصبر على البأساء، والتسليم لأمر الله عز وجل، واجعل صومك الصمت عن كل سوءآ، واجعل صدقتك كفت الأذى؛ فإنك لا تتصدق بشيء أفضل منه، ولا تصوم بشيء أزكى منه.
فإذا علمت أن جانب الاجتناب أولى بالرعاية والاجتهاد فيه ؛ فإن حصل لك الشطران جميعا - الاكتساب والاجتناب - فقد استكمل أمرك، وحصل مرادك، وقد سلمت وغنمت، فإن لم تبلغ إلأ إلى أحدهما.. فليكن ذلك جانب الاجتناب، فتسلم إن لم تغنم، وإلأ.. خسرت الشطرين جميعا، وما ينفعك قيام ليل وتعيه، ثم يحبط بارادة واحدة، وما يغنيك صيام نهار طويل، ثم تفسده بكلمة واحدة.
ولقد روينا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قيل له : ما تقول في رجلين 145
पृष्ठ 145