============================================================
والأصل في هذا الباب : أن الله تعالى خلق العبد لعبادته ، فهو عبد الله تعالى من كل وجه ، فحق للعبد أن يعبد الله تعالى من كل وجه يمكنه ، ويجعل افعاله كلها عبادة من أي وجه أمكنه، فإن لم يفعل ذلك وآثر شهوة نفسه، واشتغل بذلك عن عبادة ربه ، مع تمكنه من ذلك من غير تعدر ، والدار دار خدمة وعبادة، لا دار تنغم وشهوة. استحق اللوم بذلك والتعيير من سيده، فتأمل هذذا الأصل راشدا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فهلذه الجملة التي أردنا بيانها في إصلاح النفس وإلجامها بلجام التقوى ، فأرعها حقها، واحتفظ بها جدا تفز بالخير الكثير في الدارين إن شاء الله تعالى، والله ولي التوفيق والعصمة بفضله.
فحتاق (في بيان معالجة الدنيا والشيطان والخلق والنفس] فعليك - أيها الرجل- ببذل المجهود في قطع هلذه العقبة العظيمة الطويلة؛
فإنها أعظم العقبات شدة، وأكثرها مؤونة، وأكبرها آفة وفتنة ؛ فإن من هلك من الخلق كلهم إنما انقطعوا عن طريق الحق: إما بسبب دنيا، أو خلق، أو شيطان، أو نفسي، ولقد ذكرنا في كتبنا المصنفة من كتاب "الأسرار" و" الإحياء " و8 القربة" ما يبعث على الاهتمام بذلك: ومقصود هذا الكتاب : أني سألث الله تعالى أن يطلعني على سر معالجة النفس، وأن يصلحني ويصلح بي، فاقتصرث في هذا الكتاب الشريف على نكت وجيزة اللفظ، غزيرة المعنى، تقنع من تأملها، وتدغه على واضحة من الطريق إن شاء الله تعالى ، وهلذا الفصل يختصى بنكت في معالجة الدنيا والخلق والشيطان والنفس.
أما الدنيا : فحق لك أن تحذرها وتزهد فيها ؛ لأن الأمر لا يخلو من ثلاثة : إما أنت من ذوي البصائر والفطن، فحسبك أن الدنيا عدوة الله سبحانه، 141
पृष्ठ 141