============================================================
آثارها، ولا يشق كامل غبارها، وهو جمع على غير قياس؛ لأن مفرده حسن لا محسن إلا تقديرا (يمليها) من : أمليت الكتاب، ويجوز أمللته (عليك) من هنذه القصيدة وغيرها (الإنشاد) لها من شجي الصوت بأتم الإعراب ، فقد قالوا: من أقوى الأسباب الباعثة على محبته صلى الله عليه وسلم.. سماع الأصوات المطربة بالانشادات بالصفات النبوية المعربة، إذا صادفت محلا قابلا لها. فإنها تحدث للسامع سكرا وأريحية وطربا، وذلك يحدث عندها لسببين: أحدهما: أنها في نفسها توجب لذة قوية ينغمر فيها العقل.
الثاني: آنها تحرك النفس إلى جهة محبوبها، فيحصل بتلك الحركة والشوق تخيل المحبوب وإحضاره في الذهن، وقرب صورته من القلب واستيلاؤها على الفكر، وفي هلذا من اللذة ما يغمر العقل؛ لاجتماع لذة الألحان وكثرة الأشجان، فيحصل للروح ما هو أعجب من سكر الشراب، وأقوى في اللذة من عناق الشواب، وقد ذكر الامام أحمد رضي الله تعالى عنه وغيره : أن الله تعالى يقول لداوود في الجنة : مجدني بذلك الصوت الذي كنت تمجدني به في الدنيا، فيقول : كيف وقد أذهبته ؟ فيقول: أنا أرده عليك، فيقوم عند ساق العرش ويمجده، فإذا سمع أهل الجنة صوته.: استفرغ نعيم أهل الجنة، وأعظم من ذلك إذا سمعوا كلام الرب جل جلاله وخطابه لهم، لا سيما إن انضم إلى ذلك رؤية وجهه الكريم. فإن لذة ذلك تغني عن الجنة ونعيمها، بما لا تدركه العبارة، ولا تحيط به الإشارة: (والانشاء) من ناظمها، وإسناد الاملاء إليهما مجاز، ومما يحملك على استفراغ وسعك في ذلك التنزه، وإملاء السمع من تلك المحاسن: آنه يجب عليك أن تعتقد: أن محاسن ذاته وكمال صفاته لا يمكنك آن تحيط بها، كيف و كل وضف له أبتدأت به أشتؤ عب أخبار الفضل منه أبتداء (كل وصف له) من صفاته الذاتية والمعنوية (ابتدأت) أنت أو أنا (به) في الذكر، أو ابتدأت بذكره لتحيط بغايته (استوعب أخبار الفضل) مفعول مقدم؛ أي: جميع آخبار الفضائل والكمال (منه) متعلق بقوله : (ابتداء) أي: كلما ابتدأت
पृष्ठ 204