मिन नकल इला इब्दाच शरह
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
शैलियों
عرض الموضوع على الواقع والتجربة فما اتفق معه أخذ وما خالفه سقط تلقائيا، فالواقع مثل العقل محك النظر ومعيار العلم، وإكمال الموضوع إحصائيا حتى يظهر الجزء في الكل، وتتكامل النظرة. (ج)
إدماج الوافد في الموروث حتى تظهر الوحدة بينهما من خلال العقل والطبيعة، وأهمية الوحي في الموروث كعنصر زائد على العقل والطبيعة، القاسمين المشتركين في الموروث والوافد. دور الوحي هو إعطاء الحقيقة الكلية سلفا من أجل عدم الوقوع في النظرة الجزئية، وإعطاء يقين قبلي مسبق وحقيقة موضوعية محايدة لا تخضع لأهواء البشر أو رغبات الناس، وسرعة المعرفة وإعطاؤها مرة واحدة ولو في صورة حدس في حاجة إلى برهان، فرض في حاجة إلى التحقق من صدقه بدلا من طول البحث عن الحقيقة من أجل اختصار الزمن نظرا لقصر العمر، وتوفير الجهد والوقت من أجل سرعة الانتقال من البحث النظري إلى التحقق العملي.
ليس الشرح إذن هو تفصيل النص، عبارة عبارة، وبيان مفرداتها وإعرابها وتكرار معانيها كما يفعل طلاب المدارس لامتحانهم في الفهم الموضوعي للنص بل هو بداية عملية النقل الحضاري أو نقل النص من بيئة ثقافية إلى بيئة أخرى مما يتطلب عدة عمليات لم يستطع المستشرقون الغربيون أو العرب إدراكها وحكموا عليها بأنها تشويش وخلط وسوء فهم. فلا يوجد معنى موضوعي للنص ولا حتى في ذهن مؤلفه بل توجد قراءة لنص مصمت مع أن المستشرقين يعيشون وسط التراث الغربي وعلوم الهرمنيطقيا ولكن المستشرق يتعامل مع التراث الإسلامي، تراث الغير بأقل أدوات التحليل وأضعف الإيمان. ولو أنه تعامل مع تراثه الغربي لكان أكثر عمقا وأبعد نظرا. لم يضاعف الشراح المسلمون اللبس والوهم والتشويه للنص الأرسطي بل قاموا باحتوائه وتمثله من أجل الاستعداد لمراحل تالية: العرض والتأليف والإبداع.
13
والدراسات الدقيقة والحديثة في الشروح والتلخيصات والجوامع هي الدراسات المتقابلة عندما يوضع النص الأول في مقابل النص الثاني وإخضاع الزيادة والنقصان والتأويل التي بين النصين إلى منطق دقيق كما هو الحال في طبعات الأناجيل الثلاثة المتقابلة في عواميد ثلاثة والإنجيل الرابع تحتها لاستقلاله الخاص كنص رابع. يختلف مع الأناجيل المتقابلة أكثر مما يتفق، في حين أن الأناجيل الثلاثة المتقابلة تتفق فيما بينها أكثر مما تختلف. وقد تكون هذه مهمة جيل آخر أكثر دراية بمناهج التأويل الحديثة وعلى علم أدق باليونانية والعربية والسريانية وبمناهج اللسانيات المعاصرة. وتكون مهمة جيل آخر عدم التوقف على هذه اللحظة الأولى في التاريخ في الفلسفة الإسلامية، لقاء العرب واليونان منذ ما يزيد على اثني عشر قرنا، واستئناف مسار التاريخ في لحظات التقاء أخرى مثل اللحظة الراهنة التي بدأت منذ قرنين من الزمان من التقاء العرب المحدثين مع الغرب الحديث، وكما كانت علاقة الحكماء القدماء مع سقراط وأفلاطون وأرسطو وفيثاغورس وجالينوس وأبقراط وأرشميدس وإقليدس تكون علاقة الحكماء المحدثين مع ديكارت وكانط وهيجل وهوسرل كفواصل كبار ومؤسسي مدارس ورواد مذاهب بالإضافة إلى تلاميذ كل منهم يمينا ويسارا.
14 (2) اللفظ والمعنى والشيء
وإذا كان للفكر مستويات ثلاثة؛ اللفظ والمعنى والشيء، فإن الشرح والتلخيص والجامع يتعلق كل منها بأحد مستويات الفكر. ومن المستحيل أن يكون الأصغر هو اللفظ لأن المعنى أوسع من العبارة، والأوسط بالضرورة هو المعنى فيبقى اللفظ للكبير. ولابن رشد شرحان؛ واحد في المنطق، واحد في ما بعد الطبيعة. ويكون ذلك على النحو الآتي:
15 (أ)
الانتقال من الترجمة إلى الشرح على مستوى اللفظ والعبارة والقول؛ وذلك لتحقيق عدة أهداف: (1)
التحول من الأسلوب العربي المترجم حرفيا أو معنويا إلى الأسلوب العربي المؤلف، وتطوير الترجمة بالمعنى درجة أخرى حتى يتم تذويب اللفظ المترجم الأول كخطوة نحو التأليف. ويعبر الشرح عن المعاني المترجمة بسهولة ويسر حتى تستطيع الحضارة التعامل مع المعاني مباشرة في المراحل التالية، وتوضيح ما غمض من الترجمة، وتبسيط الأفكار وتقريبها إلى الأذهان. الشرح هو تأدية المعنى بعبارة عربية سليمة من المعنى إلى اللفظ إذا كانت الترجمة من اللفظ إلى المعنى. فهما حلقتان متكاملتان، تحويل الوافد من مستوى العبارة اليونانية إلى مستوى العبارة العربية، أي ترتيب قول أرسطو وإعادة تنظيمه بتفكيكه من أجل تنظيم العبارة. (2)
अज्ञात पृष्ठ