وقالت له مرة وفي عينيها دموع: «عباس، ليتني كنت أستطيع! ولكني لا أطيق أن أخون زوجي في ماله، وإني لأستطيع أن أعطيك ما تستعين به على العيش، ولكني لا أعطيك للشراب والقمار ...!»
وضحك الفتى ساخرا وقال: «الشراب والقمار ...! تريدين أن تربيني ...؟ إذن فأنت لا تمنعين المال عني للعجز والحاجة، ولكنك تحاولين تأديبي ...!»
وبرقت عيناه وأطلت منهما نفس شريرة، فتراجعت أخته مذعورة تطلب الحماية في متاع الدار، ووثب عليها فصرخت، ثم خرج غاضبا ...
وطال حديث الناس عن السيدة المصونة، وقالوا ما قالوا، وتناولتها الريب والظنون؛ وبلغها ما يقول الناس فزادت هما على هم ...
وأوصت البواب أن يرده إذا رآه وأن يحول بينها وبينه، وكانت في حال من الغضب خيلت إليها أنها تستطيع أن تنسى أن لها أخا ... ... وجاء الفتى إلى موعده، وكان زوجها في الدار ...
ذلك يوم كان المطر ينهمر، والريح العاصف تلطم الوجوه بقطرات الماء، وعجلات السيارات في سرعتها تقذف رشاشها إلى وجوه الناس وثيابهم. وظل الفتى في موقفه ينتظر غفلة ليصعد إلى أخته ...
وكف المطر، وهدأت الريح، وانفتح الباب، وخرج الطبيب لبعض عمله، فتسلل عباس إلى الدار ...
ومضت لحظات قبل أن يسمع البواب من يناديه، فصعد، وقالت السيدة في غضب وثورة: «ألم أطلب إليك ... ألم آمرك أن تمنعه ...؟»
وأطاع البواب فهم بالفتى ليطرده، ونشبت معركة ...
وبلغت الضجة آذان الناس في بيوتهم، وخيل إلى بعضهم أنهم يسمعون استغاثة، واجتمع على باب الدار رجال ... وشق الشرطي طريقه إلى المعركة، ووضع يده في عنق الفتى، والبوابون الأربعة من ورائه يدفعونه بعنف، ولم تجد السيدة ما تقوله فتوارت معقولة اللسان ...
अज्ञात पृष्ठ